|
مفهوم التقوى:التقوى:
كلمة (تقوى) الله تفسّر بشكل حرفي أنها من الفعل (وقى) الذي من معانيه الستر والصون والحذر (وقاية).
يقول الأصفهاني: التقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف هذا تحقيقه، ثم يسمى الخوف تارة تقوى، والتقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه والمقتضي بمقتضاه، وصار التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور.(من:مفردات ألفاظ القرآن،للأصفهاني.)
فتكون تقوى الله الحذر والخوف منه وتجنب غضبه وكأننا نتقي غضبه وبطشه بطاعته وبرضاه.
والتقوى هي الرباط الذي يعقل النفوس عن أن تنطلق حسب رغباتها ووفق هواها، فهي قيد وثيق محكم لا يستطيع المؤمن أن يتفلت منه إذا كان يخشى الله ويتقيه.
والتقوى ضابط أساسي من ضوابط السلوك الإنساني جميعه في مضمار هذه الحياة لأنها في حقيقتها مراقبة الله والحرص على مرضاته والخوف من عذابه.
معنى التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية، تقيه منه.
وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه.
وهذه بعض عبارات سلفنا الصالح في توضيح معنى التقوى.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " المتقون: الذين يحذرون من الله وعقوبته "
وقال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله. وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.
وقال ابن مسعود في قوله تعالى: (اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ( آل عمران:102] قال: أن يُطاع فلا يُعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر".
"سأل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أبيّ ابن كعب فقال له: ما التقوى؟ فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك؟! فقال: نعم، قال: فماذا فعلت؟ قال عمر: أُشمّر عن ساقي و أنظر الى مواضع قدماي و أقدم قدماً وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكه ، فقال أبيّ ابن كعب : تلك هي التقوى ".
وسئل علي رضي الله عن التقوى فقال: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل
والتقوى: هي أن تجعل بينك وبين محارم الله حاجزا, وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي
وكلمة التقوى مشتقة من الوقاية ، فالتقوى: هي إطاعة الله خشية عذابه، وهي عمل بطاعة الله على نور من الله مخافة عقاب الله.
ومكان التقوى القلب، لكن الدليل على مايضمره القلب هو الأعمال الظاهرة على الجوارح، فمن ادّعى التقوى وكانت أعماله تناقض قوله فقد كذب . ويختلف مقدار ما يفرض الله على المرء من تقوى بحسب استطاعته ، قال الله تعالى: ” فاتّقوا اللّهَ ما استَطَعتُم ” -18- . والسبيل إلى التقوى هو مراقبة النفس ومنعها عن إتباع أهوائها بما يناقض أوامر الله تعالى ولكي تنقاد إلى ما أمر به وعدم الغفلة سواء في حالة الانقياد الى أمر الله أو اجتناب نواهيه ،
أهمية التقوى.
إن التقوى هي وصية الله لخلقه أجمعين من الأولين والآخرين من عباده قال سبحانه وتعالى): وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا [النساء:131]. والتقوى هي وصية الرسل الكرام:
[كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ(123)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ(124) ] (الشعراء ) .
[كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ(141)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(142) ] (الشعراء ) .
[كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ(160)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ(161) ] (الشعراء ) .
[كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ(176)إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ(177) ] (الشعراء ) .
[وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10)قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ(11) ] (الشعراء ) .
وهي أيضاً: وصية الرسول لأمته، فعن أبي أمامة صُدى بن عجلان الباهلي قال: سمعت رسول الله يخطب في حجة الوداع فقال: { اتقوا ربكم وصلّوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدّوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم، تدخلوا جنة ربكم }. وكان إذا بعث أميراً على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً. وكان إذا أتاه أحد مسافرا ودعه ووصاه بتقوى والتكبير عند كل شرف
ولم يزل السلف الصالح يتواصون بها في خطبهم، ومكاتباتهم، ووصاياهم عند الوفاة.
وكتب عمر بن الخطاب إلى ابنه عبد الله: "أما بعد... فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل الذي لا بد لك من لقائه، ولا منها لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة"
وكتب أحد الصالحين إلى أخ له في الله تعالى: " أما بعد.. أوصي بتقوى الله الذي هو نجيك في سريرتك، ورقيبك في علانيتك، فاجعل الله من بالك على كل حال في ليلك ونهارك، وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك، واعلم أنك بعينه، لا تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره، ولا من ملكه إلى ملك غيره، فليعظم منه حذرك، وليكثر وجلك، والسلام "
والتقوى وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته عن العرباض بن سارية: قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فوعظنا موعظة بليغة زرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فقال: " أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :
( اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ) .
والتقوى وصية السلف الصالح رضوان الله عليهم، كان أبو بكر ـ رضي الله ـ عنه يقول في خطبته: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، ولما حضرته الوفاة، وعهد إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ دعاه فوصاه بوصيته قائلا : اتق الله يا عمر.
وكتب عمر رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله: ،أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل، فإنه من اتقاه وقاه، واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك .
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: ،أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل ، ولما ولي خطب فحمد الله وأثنى عليه وقال: ،أوصيكم بتقوى الله عز وجل، فإن تقوى الله خلف من كل سعي، وليس من تقوى الله خلف ، وقال رجل لرجل أوصني، قال: أوصيك بتقوى الله، والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وكتب رجل إلى أخيه أوصيك بتقوى الله، فإنها من أكرم ما أسررت ،وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت.
.
والتقوى هي أجمل لباس يتزين به العبد: [ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ] (الأعراف ـ 62).
إ ذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى ********** تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه ********** ولا خير فيمن كان لله عاصيا
والتقوى هي أفضل زاد يتزود به العبد، قال تعالى: [وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ(197)] (البقرة ).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا ).
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ********** خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ********** ولا أن ما يخفى عليه يغيب.
وعن معاذ بن جبل وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:أتّقِ اللّه حيثُما كنتَ وأتبِع السيئةَ الحسَنَة تَمحُها وخالِقِ الناسَ بِخُلُق حَسَن ” (رواه الترمذي وقال حديث حسن)
وقد حث الله تعالى في القرآن الكريم على التقوى في آيات كثيرة:منها قوله تعالى: (ياءيها الّذين أمنوا اتقوا اللّه حقّ تُقاتِه ولا تَموتُنّ إلاّ وأنتُم مسلمون ”) ، ” ياءيها النّاسُ اتّقوا ربّكُم إنّ زلزلة الساعة شيء عظيم ( ياءيها النبيّ اتق اللّه ولاتُطِع الكافرين والمُنافقينَ إنّ اللّه كانَ عَليما حَكيما )
دكتور احمد رائع والله لافوض فوك ياسيد القوم
ردحذف