الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

نَظْرَةُ تَأَمُّلٍ فِي مَلَكُوْتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ


نَظْرَةُ تَأَمُّلٍ فِي مَلَكُوْتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
******************
التفكر في خلق الله .. فريضة فرضها الله علي المؤمنين حتي يتعظوا ويأخذوا العبرة والعظة فإن فريضة التفكر في آيات الله في الكون ونواميسه في الوجود تعتبر أسمي درجات العلم والايمان

يري المفكر الاسلامي الدكتور محمد عمارة أن التفكر فريضة وليس سنة وأن الله تعالي قد أمر بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز في مواضع لا تحصي وأثني علي المتفكرين فقال تعالي الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ولقد كثر الحث في كتاب الله تعالي علي التدبير والاعتبار والنظر ولافكار وكلها معاني لعبادة التفكر وورد في السنة بأن تفكر ساعة خير من عبادة سنة وورد أيضا حديث عن ابن عباس تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، انكم لن تقدروا الله قدره ويضيف الدكتور محمد عمارة أنه من بين الاحاديث التي تحث علي التفكر أن بلالاً دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يبكي فقال يارسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال ويحك يا بلال وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله تعالي عليّ في هذه الليلة إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ثم قال ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها .

__________________

وقفت مع نفسي وقفة تأمل ، وتدبر ، وتفكر ، والتفكر في خلق الله من أجل العبادات التي غفل عنها الكثيرون ، ولأن التفكير يولد التأمل في خلق الله ، واستشعارعظمته سبحانه وتعالى ..
 تأملت في ملكوت السماوات والأرض وما فيها من إبداعات حيرت العقول ، وترامى تحت عجائبها المفكرون الفحول ، بل عجزت كل الوسائل الدقيقة والتقنية الحديثة             أن تصل إلى شأو هذا الكون الفسيح  ، المترامي الأطراف فرجع البصر خاسئا وهو حسير .
و ازدادت حيرتي حينما علمت علما يقينا أن في السماء مخلوقات بأحجام عظيمة تفوق الخيال ، وتتجاوز المحيط الفكري ، وحدود الخواطر ، وتيقنت أن هذه المخلوقات تسير وفق خطة محكمة ، لا تتعدى حدودها المرسومة لها ، ولا تميل عن مسارها ..             و زادني دهشة ارتباط هذه المخلوقات العلوية ، ارتباطاوثيقا بحياة المخلوقات السفلية الكائنة في هذه الأرض المليئة بالعجائب هي الأخرى .
التفكر من أعمال القلوب وأكثر الناس قد عرفوا فضله ولكن جهلوا حقيقته ويظن بعض الناس أن التفكر يقتضي للإنسان أن يعتزل المجتمع ويقطع علاقاته بالناس مع أن القضية أبسط من ذلك بكثير إذ أن الإنسان يستطيع التفكر في كل لحظة من لحظات حياته,.إن الله تعالى يدعو جميع عباده ليتفكروا ويتدبروا خاصة في آيات القرآن الكريم الذي أنزله الله لهذا الغرض يقول تعالى في كتابه الكريمكتاب أنزلناه إليك مباركاً ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب){ كما أنه يمتدح عباده الذين يقودهم تدبرهم وتفكرهم إلى إدراك الحقيقة وبالتالي تحول التفكر إلى عمل يؤدي إلى مرضاة الله وإلى مخافته سبحانه وتعالى قال عليه الصلاة والسلام(لا عبادة كالتفكر تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة)فالثمرة الناتجة منه هو العلم واستجلاب المعرفة كما أنه يعمل على ترسيخ الإيمان وتنميته لدرجة اليقين وهو الوسيلة للاتصال الدائم بالله إذ من خلاله نصل لمحبة الله عن طريق التفكر بنعم الله فالنفس مجبولة على محبة من أحسن إليها كما أن الإنسان يستشعر بمخافة الله ومراقبته ,فالمهم في الأمر أن يستطيع الإنسان تطوير ملكة التفكر عنده وتعميقها أكثر فأكثر لأن السلوك المقبول والعمل الناجح هو نتاج الفكر السليم و لذلك يجب أن يرتبط الإنسان المفكر بمنهج صحيح وقدوة حسنة.
إن أولئك الذين لا يبذلون جهدهم في التفكر والتدبر يعيشون في حالة دائمة من الغفلة, وحالة الغفلة هذه التي يصاحبها التجاهل مع عدم النسيان ,والانغماس في الشهوات والوقوع في الإثم والاستخفاف هي نتيجة من نتائج تجاهلهم وتناسيهم للغاية من خلقهم , وهذا الأمر عظيم و خطير, لذلك حذرنا القرآن الكريم أن نكون من الغافلين}وأنذرهم يومَ الحسرةِ إذ قضيَ الأمر وهمْ في غفلةٍ وهمْ لا يؤمنونْ{. ويبين الله تعالى زيغ الذين ما ألفوا عليهم آباءهم إتباعاً أعمى دون أن يفكروا بما يحمله التقليد من ضلال ولو نوقشوا بأمرهم لأجابوا فوراً بأنهم مؤمنون بالله ملتزمون بتعاليمه, لكن بما أنهم لم يعقلوا فيتفكروا ويتدبروا فان إيمانهم هذا لم يؤدي بهم إلى الصلاح إن عقلية هؤلاء البشر تظهر بوضوح من خلال الآية التالية }قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون .سيقولون لله قل فأنى تسحرون{
في الآية السابقة يساءل الله تعالى الناس}قل فأنى تسحرون { فهذه حالة من الجمود العقلي تسيطر بشكل كامل على بعض الناس فيغشى بصر من يصاب بها ويتصرف وكأنه لا يرى الحقائق أمام عينيه , هذا الجمود العقلي هو الذي أدى أن يعيش البشر منذ آلاف السنين في حياة الغفلة بعيدين كلياً عن التفكر والتدبر .. يعلم الناس أن الحياة فانية ومع ذلك يتصرفون وكأنهم مخلدون . وهذا في الحقيقة نوع من السحر تعاقبت على حمله الأجيال وله تأثير بالغ عليهم لدرجة أنه عندما يتحدث شخص ما عن الموت فان الآخرين يقفلون الموضوع مباشرةً لأنهم يخافون أن يبطل هذا الحديث السحر عنهم ويضعهم في مواجهة الحقائق . إن الذين لا يؤدي بهم التفكر إلى إنقاذ أنفسهم من هذا السحر وبالتالي من حياة الغفلة سوف يفهمون الحقائق عندما يرونها رأي العين بعد الموت }لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد{ فكما يقول الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة فان البصر الذي يكتنفه الغشاوة في الحياة الدنيا بسبب عدم التفكر سيكون حادا عندما يحاسب الإنسان في الآخرة
.ومن خلال ذلك نرى أن الناس هم الذين يفرضون على أنفسهم هذا النوع من السحر بملء إرادتهم لأنهم يظنون أنهم بهذه الطريقة سيعيشون حياة رغد واسترخاء. فقد قدم الله تعالى الحلول للناس فالذين يتفكرون يستطيعون بكل سهولة أن يبطلوا عن أنفسهم هذا السحر في حياتهم ويفهموا كل ما يدور حولهم من الأحداث والحكمة منها,.ومن أجل أن يعود التفكر بالنفع على الإنسان يجب أن يفكر دائماً بطريقة ايجابية .هناك فرق كبير بين من يتفكر من منظار نفسه ويؤدي به تفكره إلى ما لا يرضي الله تعالى وبين من يفكر ليصل لمرضاة الله . إن نجاح الإنسان في امتحان التفكر يعتمد على التدبر والاعتبار التي يستخلصها أثناء تفكره لذلك يجب أن يتفكر الإنسان بصدق دائماً وأن يخلص النية لله عند التفكر.
وعندما يفشل الإنسان في السيطرة على أفكاره وتوجيهها لما يرضي الله فانه قد يشعر بالخوف من شرور مرتقبة ,فيقوده ضلاله إلى الحزن والقلق ولذلك فان التشاؤم وسوء الفهم والمخاوف المتحكمة في الذهن سببها وساوس الشيطان والله سبحانه وتعالى يعلم الناس الطرق التي تقيهم من هذا الوضع ففي القرآن ينصح الله الناس باللجوء إليه إذا نزغهم من الشيطان نزغ فيقول }إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون{,وهناك عوامل تمنع الناس من التفكر فواحد منها فقط يعيق التفكر ويمنع من إدراك الحقائق منها : اتباع الأكثرية يؤدي إلى الجمود العقلي: كثير من الناس حولنا يسلمون بأننا سنموت في يوم من الأيام ولكنهم لا يسمحون لأحد بالتحدث في هذا الموضوع كي لا يذكرهم بالموت وعندما ينظر المرء حوله ويرى كيف يتصرف الناس فانه يقول في نفسه: بما أن هذا حال كل الناس لن يضرني أن أتصرف بنفس الطريقة فيعيش حياته على هذا النحو ولو أن الناس من حوله تفكروا و خافوا وجاهدوا في سبيل الفوز بالآخرة حق الجهاد لكان في أغلب الظن غير تصرفه , لذلك عليه أن يفكر وأن يتذكر بأنه مسئول أمام الله عن نفسه.
التكاسل الذهني : التكاسل هو العامل الذي يمنع أغلبية الناس عن التفكر فيقومون بأعمالهم بالطريقة التي تعودوا أن يروها دائماً دون تغيير فلا يبحثون عن حلول مبتكرة ولا يكلفون أنفسهم عناء التفكير للبحث عن طرق أفضل وإنما يقلدون ما يسمعون ,كما أن النظر إلى كل شيء بعين العادة يؤدي إلى تلاشي الإحساس بما يراه في الدنيا من نعم إلى انغماس في الملذات والتي تلهيه عن حقيقة المنعم . 
تفادي المسؤولية التي تترتب على التفكير:يظن البعض أن بإمكانهم التهرب من مسؤولياتهم تجاه ربهم عبر عدم التفكر فلا يتفكروا في الموت والبعث ولو أنهم فعلوا لجاهدوا بشدة لحياتهم بعد الموت فإن الإنسان إن لم يحرز الحقيقة في الحياة الدنيا فإنه سوف يفهمها عندما يدركه الموت(وجاءت سكرة الموت ذلك ما كنت منه تحيد)فعلى الإنسان التخلص من هذه الأسباب ليصل إلى الحقائق عن طريق الصدق في تفكيره.وللتفكر مجالات عديدة منها التفكر في القرآن الكريم فكثير من الناس يقرؤون القرآن ولكنهم يغفلون عن أهم هدف من وراء القراءة وهو التدبر والتفكر ومن ثم تطويع سلوكنا وفقا لما استخلصناه, فمن يقرأ قوله تعالى(فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) سوف يفهم أن الله جعل لكل عسر يسرا فلو مر بعسر عليه أن يثق بالله فلا يدركه اليأس في اللحظات الصعبة لأن ذلك دليل على ضعف الإيمان فعلينا تدبر معنى الآيتان ثم نكيف تصرفاتنا بمقتضاهما طوال حياتنا, فالتفكر في آيات القرآن واجب على كل مؤمن لأنه ملزم بتعلم ما فيه ليصل لمرضاة الله قال تعالى(إنه تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة) 
فبدأت التفكر والتأمل والتدبر في الشمس ، هذا المخلوق العظيم الذي لا غنى للمخلوقات على الأرض من الحرارة والأشعة الصادرة منه ...
 ففوائد الشمس كثيرة لاتعد ولا تحصى ...
ومنها على سبيل المثال لا الحصر ...
أن الشمس تمد الأرض بالدفء مما يجعل حياة المخلوقات على هذه البسيطة             ممكنة الحدوث والاستمرار .
وناهيك بالضياء الذي نحتاجه في كل مجالات الحياة وأهمه الخروج إلى السعي وراء أرزاقنا
وأما النباتات وباقي الكائنات الحية فضوء الشمس ضروري لها ومهم لقيامه بعملية التمثيل الضوئي .
والشمس تصدر طاقات هائلة يستغلها الإنسان وكم من دول تولد الكهرباء والطاقات الأخرى مما تصدره الشمس .
ومن الناحية الطبية فإن أشعة الشمس تفيد الجلد في إنتاج الفيتامين ( د )         الضروري لنمو العظم ، وتدور الأرض حول الشمس في عام كامل ، مما يفيد الإنسان   في عمل الحسابات الكونية وعد السنين  .
وحـرارةُ الشمس تبخر الماءَ فتسوقُ السحاب ، وترفعه فوق الجبال ، وتقـودُه إلى بلد  ميت ، فتنبتُ الزرعَ ، وتدر الضرع ، وغير ذلك مما نعلمه ومالا نعلمه .
ومن غير الهواء وحرارة الشمس ما كنا وجدنا حبة قمح ، أو تمرة ، أو شجرة .        ولو كانت الشمس دائمة السطوع علينا لاحترقت جميع النباتات ، ولكن تعاقب الليل والنهار بانتظام يعمل على تنشيط تكون الغذاء .
{ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (12) سورة النحل
{ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (54) سورة الأعراف
{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } (2) سورة الرعد
وعلمت علما يقينا أن هناك شموسا عملاقة داخل المجرات أكبر من شمسنا هذه كشمس "قلب العقرب" التي يبلغ حجمها أربعمائة مرة من حجم شمسنا ، حسب التقديرات المبنية على العلم والتكنولوجيا الحديثة .  
وفي هذه المجرات ملايين الشموس وإن كنا نراها على شكل نجوم نتيجة لبعدها الهائل  .
كل هذا الخلق العظيم في سماء الدنيا فماذا تحمل السماوات السبع وما فيهن .
فيا لعظمة هذا الكون الفسيح ، ويا لعظمة ما فيه من عجائب لا تحصى ، وأسرار              لا تتناهى ...
فغضضت طرفي ، وطويت تفكيري ، أمام كون لا يسعه تفكير مخلوق ، ولا يحيط به عقل إنسان وتلوت قول الله تعالى :

{ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) } سورة الحـج
ثم عاد التأمل والتفكر من جديد  في كوكبنا  الذي نعيش عليه ، وهو هذه الأرض فجلت بطرفي ، وتفكيري ، في بحارها ، وأنهارها ، وجبالها ، وترابها ، وكائناتها الحية المتنوعة ، وكل ما مر بخاطري ، وتفكيري ، وإذا بي أقف أمام خلق يعجز العقل البشري عن إدراك كنهه ، وتقف الأفكار حائرة في عظمة صنعه ، ودقة تنظيمه .
فقلت لنفسي عما ذا تبحثين وفي ما ذا تتفكرين ، أمام ناظريك كون مليء بالمخلوقات والكائنات من حيوانات وسوائل ، وجمادات ، والتي لا يمكن حصرها ، ولا الوصول إلى قعرها فبصرك كليل ، وفكرك عليل  .
 فانظري وتأملي في البحار مثلا ، فإنها مليئة بأنواع المخلوقات ، والكائنات           ومنها اللؤلؤ ، والمرجان ، وأنواع الأسماك ، بل هناك كائنات أخرى يتغذى عليها الإنسان لا حصر لها ، ومن البحر يستخرج الإنسان الملح الذي لا غنى عنه لأجسادنا حيث أن الملح هو أحد العناصر المهمة لحياة الإنسان ، والحيوان ، وحتى النبات       وإني بحاجة إلى حمل بعير من الأوراق لأسطر فيها ما يحمله هذا البحر الهائل من أسرار .
{ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (14) سورة النحل
{ اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (12) سورة الجاثية.
 وحينئذ قلت لنفسي تأملي في الجبال الرواسي التي جعلها الله لتثبيت الأرض           فإن في باطن صخورها  كنوزا ، وثروات عزيزة ، مثل الأحجار الكريمة من الألماس والذهب والمعادن الأخرى كالرصاص ، والنحاس ، والحديد ، والنيكل ، والقصدير والزنك ، التي تدخل في الكثير من الصناعات ومن الجبال نتخذ البيوت التي نسكنها وغير ذلك من النعم التي لا تحصى .
{ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (15) سورة النحل
{ وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ } (74) سورة الأعراف
{ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا } (81) سورة النحل
{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } (68) سورة النحل
وهناك مخلوقات كثيرة ، وعجائب مثيرة ، وأعماقها مهيبة ، فتركت التأمل في الأرض ومافيها من حيوان ، ونبات ، إذ الوصول إلى شأوها ، أو حصرها ، من رابع المستحيلات .
وبعد التأمل ، والتدبر ، رجعت إلى نفسي ، وقلت لها ألم تفكري لحظة في الإنسان            هذا المخلوق العظيم ، فكري وتأملي فيه ، في تكوينه ، وهيكله ،  في حركته وسكونه   في ماينطوي عليه من أسرار ، فإنه أعمق من البحار ، وأوسع من امتداد الأرض        لن تصلي إلى حقيقته ، بفكر ، ولا سحر ، كفاك هو ، خوضي معركة تأمل في باطنه وظاهره ، في عروقه ، ودمه ، في مخه ، وكبده ، ففيه مجال واسع للتأمل والتدبر        هذا الإنسان الذي تهيأت له أسباب الحياة ، فالنبات ، والحيوان ، وسائر المخلوقات مسخرة له ، سواء للتغذية أم الاستخدام ، أم للأمرين معا ، مزود بالعقل ليتصرف تصرفاً مفيداً ، وليتعامل معها بتعقل .
تأملي وتدبري في الإنسان ، لتعرفي حقيقته ، ومن هو ، وكيف جاء إلى هذا العالم                وما هو مصيره بعد انتهاء حياته .
فتأملت كثيرا في الإنسان ، وما ينطوي عليه ، وقرأت عنه كثيرا ، ولكن ما زال كثير من الغموض يكتنف هذا المخلوق ، ولم أكتف بالتدبر والتأمل ، بل قرأت كثيرا عن هذا الإنسان ، وخرجت بحقائق لا يعتورها شك ، ولا ريب .
فجسم الإنسان كما اكتشفه العلماء  أعقد آلة ، وأعقد جهاز ، على وجه الأرض     فهو يرى بهذا الجسم ، ويسمع ، ويتنفس ، ويمشي ، ويركض ، ويتذوق الأطعمة . ويملك هذا الجسم  ـ  بمخه وعظمه ، وشحمه ولحمه ، وعضلاته وشرايينه ، وأوردته الدموية ، وأعضائه الداخلية ـ نظاماً دقيقاً وتخطيطاً عجيبا ، وكلما تعمقنا في الدقائق والتفصيلات لهذا النظام ولهذا التخطيط ، قابلنا من الحقائق ما يدهش ذوي العقول . ورغم التباين الذي يبدو للوهلة الأولى بين الأقسام ، والأجزاء المختلفة للجسم        فإنها تتكون جميعها من اللبنة نفسها ، ألا وهي الخلية .
كل جسم في الإنسان يتركب من الخلايا التي يقارب حجم كل واحدة منها جزءاً     من ألف جزء من المليمتر المكعب ، فمن مجموعة معينة من هذه الخلايا تتكون عظامنا ، ومن مجموعات أخرى تتكون أعصابنا وكبدنا ، والبنية الداخلية لمعدتنا وجلدنا وطبقات عدسات عيوننا .
وتملك هذه الخلايا الخواص والصفات الضرورية من ناحية الشكل والحجم والعدد لأي عضو تقوم بتشكيله هذه الخلايا في أي قسم من أقسام الجسم .
فخـلايا الجسم التي تكلفت بقيام مهماتها من وظائف مختلفة ، والبالغ عددها تقـريبا
( مائة تريليون خلية ) نشأت وتكاثرت من خلية واحدة فقط ، وهذه الخلية الواحدة     والتي تملك نفس خصائص خلايا جسمك ، هي الخلية الناتجة عن اتحاد خلية بويضة والدتك مع خلية نطفة والدك .
فهذا الإنسان المكون من عدة كيلوهات حسب حجمه ، وكبر عظمه ، ووفرة لحمه تجمع هيكله بأكمله من قطرة ماء واحدة .
ولا ريب أن تطور البنية المعقدة لجسم الإنسان  الذي يملك ( عقلاً وسمعاً وبصراً )      من قطرة واحدة شيء محير وغير عادي .
ومما لا شك فيه ولا ريب أن مثل هذا النمو ، والتطور ، والتحول ، لم يكن نتيجة مراحل عشوائية ولا حصيلة مصادفات عمياء ، بل هو أثر لعملية خلق واعية وفي غاية الروعة .
ومعجزة خلق الإنسان ، معجزة مستمرة ، وتتكرر مع كل مخلوق بشري على وجه هذه البسيطة .
ومن الضروري بيان أن ما ذكر من تفصيل ظهر لنا حول خلق الإنسان لا يشكل      إلا جزءا ضئيلا من تفصيلات هذا الإنسان المعجز .
 قال تعالى : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (9) } سورة السجدة ...

سُبْحَانَ رَبِّيْ 
بَرْقٌ يَلُوْحُ وَصَوْتُ  الرَّعْدِ رَنَّـانُ  **  وَصَيِّبُ السُّحْبِ مَالَتْ مِنْهُ أَغْصَانُ
وَالْمَـوْجُ مُرْتَفِـعٌ  يَزْهُوْ  بِقُوَّتِـهِ  **  وَالشَّمْسُ سَاطِعَةٌ يَبْـدُوْ لَهَا شَـانُ
وَالْجِنُّ فِيْ وَكْرِهَا لَمْ  تَبْدُ  صُوْرَتُهَا  **  وَلا بَدَا فِي وُضُوْحِ الشَّمْسِ شَيْطَانُ
وَالأَرْضُ تَهْتَزُّ وَالأَعْـلامُ رَاسِيَـةٌ  **  وَالْفِكْرُ فِيْ حِيْـرَةٍ وَالْعَقْلُ حَيْرَانُ
سُبْحَانَ رَبِّيْ عَظِيْمُ الشَّانِ  مُقْتَـدِرٌ  **  وَرَوْعَـةُ الْكَـوْنِ آيَاتٌ وَتِبْيَـانُ
رُحْمَاكَ رَبِيْ فَإِنِّيْ جِئْـتُ مُعْـتَرِفًا  **  بِمَا جَنَتْهُ يَـدِيْ وَالذَّنْبُ  خُسْرَانُ
كذلك أيضا إذا تأمل ما بثه الله وخَلَقَهُ على وجه الأرض من هذه الدواب المختلفة, لا شك أن خلقها حيث بث في الأرض من كل دابة, وجعل فيها من كل زوجين اثنين.
جعل كل نوع زوجين, أي: ذكورا وإناثا حتى يتم بذلك التوالد فيما بينهم، وجعل ذلك في كل الدواب؛ في الطيور زوجين اثنين، وفى الحشرات زوجين وفي البهائم زوجين والحيوانات زوجين ذكر وأنثى. كل ذلك بلا شك مما نصبه الله للدلالة على قدرته. أنه سبحانه على كل شيء قدير.
يعتبر بذلك من تفكر ومن نظر في آيات الله تعالى وفي مخلوقاته العظيمة. ومع ذلك فإن الكثير لا ينتفعون بما ينظرون، بل ينظرون في هذه الآيات وعجائب هذه المخلوقات، ومع ذلك كأنهم البهائم التي لا تعقل ولا تتفكر  إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ  .
أما أهل البصيرة وأهل المعرفة وأهل الإيمان الصحيح؛ فإنهم كلما وقع نظر أحدهم على صغير أو كبير اعتبر بذلك وجعل ذلك آية ودلالة على عظمة من خلق ذلك؛ ولذلك ذكر ابن كثير قول ابن المعتز عند آية البقرة:  الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً  .
قول ابن المعتز 
فوا عجبـا كيـف يعصـى الإلـه أم كــيف يجـحــده الجـاحـد 
فــي كــل شـيء لـه آيــة تـــدل عـلــى أنــه واحـد 
وللــه فــي كــل تحـريكـة وتســكينـة أبــدا شــاهـد 
يعني: أن من تأمل كل ما في هذا الكون وجد أن كل حبة صغيرة أو كبيرة فإنها شاهد على قدرة من خلق ذلك ومن أوجده.
وأعظم شيء يتأمل فيه الإنسان هذا الوجود يتأمل فيه ويعرف عظمته؛ بل أقرب شيء إلى الإنسان نفسه؛ أي خلْق الإنسان هو أعجب شيء وأقرب شيء إليه، ولكن الذين يتفكرون ويعتبرون قليل. وقد تكلم العلماء على عجائب خلق الله تعالى وأبرزوا ما فيها من الدلالات.
فمثلا ابن القيم -رحمه الله- له كتاب اسمه التبيان في أقسام القرآن، يعني الأيمان التي في القرآن. لما تكلم على سورة الذاريات أقسم الله في أولها، بقوله:  وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا  إلى قوله:  فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ  فأقسم في أولها ببعض المخلوقات, ثم أقسم بعد ذلك بالرب  فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ  تكلم -رحمه الله- على بعض الآيات على قوله تعالى :  وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ  ما في الأرض من الآيات والدلالات، ثم تكلم أيضا على خلق الإنسان؛ أي لما قال تعالى:  وَفِي أَنْفُسِكُمْ  أي وفي أنفسكم دلالات وعظات وعبر لمن اعتبر فيها، وبيّن ما في خلق الإنسان من العجائب.
فبتأمل هذه الآيات في خلق الإنسان يجد العجب العجاب, ويعرف ما في خلق الله تعالى من الآيات والدلالات على كمال قدرته، وأن الذين عبدوا غيره, أو عصوه, أو جحدوه أنهم ما فكروا في هذا الوجود, ولا أعملوا عقولهم, ولا تفكروا في آيات الله, ولا نظروا في ما أمروا بأن ينظروا إليه؛ فلذلك تلاعب بهم الشيطان, وصدهم عن الآيات وعن الدلالات التي تدل كل عاقل، ولكن الله كما ذكر  وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  

وبعد كل هذه التأملات
 خرجت  بنتيجة حتمية ، وهي أن هناك قدرة إلهية خلف بدء الخلق وكافة الأحداث .
وأدركت أن الله واجب الوجود ، وأدركت القدرة الإلهية للخالق ، وعظمته وعلمه اللانهائي ، المحيط بالكون ، في السماء وفي الأرض .
وأن خلْق السماوات والأرض ، وما أوجد فيهما من مخلوقات تسعى ، لا نعرف إلا بعضاً منها ، ولا ندري عما تفرَّق منها في ملكوت الله الواسع إلا النزر القليل .
 فإبداع هذا الكون ، وضخامته الهائلة ، وتناسقه ، وجريانه وفق نظام دقيق ، ينبئ     عن عظمة مُبدِعه ، و هذا يهدي المتأمِّل فيها إلى قدرة الله عزوجل ، فتنجذب النفوس       إلى الإيمان ، وتتفجَّر ينابيع التسبيح والإقرار بتلك العظمة والقدرة من قلبه على لسانه .
ويدرك المتأمل أن هذا الكون بما فيه لم يُخلق عبثاً ، ولا باطلاً ، فلا يملك الإنسان بعد كلِّ هذه الدلائل إلا أن يتوجَّه إلى خالقه ، ومالكه ، خاشعا متضرِّعاً ، معلناً قناعته بحكمته تعالى في خلق المخلوقات ، قائلاً : { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (191) سورة آل عمران .
وهذا من أدب المؤمن مع الله ؛ فهو حين يهتدي إلى شيء من معاني إحسانه وكرمه      في بديع خلقه ، ويستشعر عظمته ، ينطلق من الإقرار إلى الدعاء ، طالباً من مولاه       أن يجنِّبه عذاب النار ، وأن يوفِّقهُ لصالح الأعمال ، فهو سبحانه الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر . 
{ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) } سورة يونس .
أما من يطلب الخير من غير مولاه فقد خسر خسرانا مبينا ، فما أشقى أولئك الذين أشركوا بالله ، وسلكوا طريق الوثنية ، أشركوا معه في العبادة ما لا ينفعهم ولا يضرهم   ‏ وفي ذلك يقول الحق ‏(‏ تبارك وتعالى ‏) :‏
{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا } (55) سورة الفرقان ‏.
أشركوا معه في العبادة من لا يستطيع خلق ذبابة حقيرة ...
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) } سورة الحـج
 في حين أنهم يرون آثار قدرة الله ، وبديع خلقه ، وعظيم سلطانه .
والقرآن الكريم يوجِّه أنظار الناس إلى التأمُّل في عجائب صنع الله ، في الكون         وهي مبثوثة في كلِّ الوجود ، فكيف يدعون من لا يستجيب لهم ...
{ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } (14) سورة الرعد
فوقفت بعد هذا كله متأملا  في النهاية الحتمية ، وهي الموت الذي لا مفر منه .
فهذه الأحياء المبثوثة في كلِّ مكان ، فوق سطح الأرض ، في أعماق البحر ، في أجواء الفضاء ، في الكواكب الأخرى ، والَّتي لا يعلم الإنسان عنها إلا النَّزْرَ اليسـير       كلها آيلة إلى الممات والفناء { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } (57) سورة العنكبوت  { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } (88) سورة القصص
  ثم يجمع الله ما يشاء منها للمحاسبة ، ومعها خلائق أخرى أربى عدداً وأخفى مكاناً   وليس بين بثِّها في السماوات والأرض ، وبين جمعها ، إلا كلمة ( كُنْ ) يأمر بها الله عزَّ وجل فإذا هي منصاعة لأمر ربِّها ، فتبارك الله العظيم القدير مالك الملك ذو العزة والجبروت .
قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ } (29) سورة الشورى

****************
أَلا إِنَّنـا كُـلَّنـا بائِـدُ  **  وَأَيُّ بَنـي آدَمٍ خالِـدُ
وَبَدؤُهُـمُ كانَ مِن رَبِّهِـم  **  وَكُـلٌّ إِلى رَبِّـهِ عائِـدُ
فَيا عَجَبا كَيفَ يُعصى الإِله  **  أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجاحِد
وَلِلَّهِ فـي كُـلِّ تَحريكَـةٍ  **  عَلَينا وَتَسكينَةٍ  شاهِـدُ
وَفـي كُـلِّ شَيءٍ لَهُ آيـَةٌ  **  تَدُلُّ عَلى أَنّـَهُ واحِـدُ
****************
أَلَهَوْتَ فِيْ الْمَلْهَى الْفَسِيْحْ  **  وَنَسِيْتَ مَثْـوَاكَ الصَّحِيْحْ
وَسَهِرْتَ  لَيْلَكَ  عَـابِثًـا  **  وَصَحَوْتَ تُنْشِدُ فِيْ الْمَلِيْحْ
وَبَنَيْتَ قَـصْـرًاشَامِخًـا  **  وَنَظَمْتَ فِيْ الْقَصْرِ الْمَدِيْحْ
وَطَرِبْتَ مِـنْ فَـرَحٍ بِـهِ  **  وَنَسِيْتَ مَثْوىً فِي الضَّرِيْـحْ
أَيْنَ الْقُصُوْرُ النَّاطِحَـاتُ  **  السُّحْبَ فِي الْجَوِّ  الْفَسِيْحْ
أَيْنَ الْحُصُوْنُ وَمَـنْ بِهَـا  **  فّالْكُلُّ فِيْ الْبَيْـدَا طَـرِيْحْ
ذَهَبُوا كَمَـا ذَهَبَ الأُولَى  **  سَبَقُوا فَهَلْ  مِنَ مُسْتَـرِيْحْ
أَيَنَـامُ  جَفْنُكَ  هَـادِئًـا  **  وَالْمَـوْتُ  يَغْتَالُ الصَّحِيْحْ
دُنْـيَـاكَ ظِــلٌّ زَائِـلٌ  **  فَارْجِعْ إِلَى الْعَمَـلِ الرَّبِيْحْ
وَاسْكُبْ  دُمُوْعَكَ خَشْيَـةً  **  وَاسْهَرْ مَعَ الْجَفْنِ الْقَـرِيْحْ
وَاعْـبُـدْ إِلَهَـكَ مُخْلِصًا  **  وَاخْضَعْ  بِسَمْعِكَ لِلنَّصِيْحْ
****************
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
المراجع
التفكر فى خلق الله.د/على مدنى
التامل فى الكون .د/عبدالرحيم السنوسى 
عالم موجود *السيد /محمود الطيب



السبت، 4 ديسمبر 2010

الأطباء ينصحونك



الأطباء ينصحونك
ابتعد عن المضاد الحيوي أثناء نزلات البرد

محيط - محمد السيد


مع قدوم فصل الشتاء والانخفاض الملحوظ في درجة حرارة الجو تزداد حالات الإصابة بالبرد والأنفلونزا نظراً إلى أن هناك سلالات جديدة من الفيروسات تتكون في هذا الفصل بالتحديد، ونادراً ما يكون لدى الإنسان مناعة ضد هذه الفيروسات، والأطفال أكثر عرضة للإصابة بهذه الفيروسات من الكبار، وكذلك من يعيشون ويعملون في ظروف يسهل فيها انتشار هذه الفيروسات بسرعة.

ويلجأ الكثيرين في مثل هذه الحالات إلى المضادات الحيوية كعلاج فعال للقضاء على الأنفلونزا، لكن الأمر الذي يغيب عن أذهان الكثيرين هو أن هذه المضادات تضر بالجسم، وهو ما أكده أطباء المان، حيث حذروا من أن الأشخاص المصابين بنزلات البرد والأنفلونزا الذين يطلبون من الطبيب أن يصف لهم مضادا حيويا لعلاج حالتهم إنما يتسببون في الإضرار بأنفسهم.

وأوضح فولف فون رومر رئيس اتحاد أطباء الإمراض الباطنية الألماني في فيسبادن، أن الفيروسات هي السبب في نزلات البرد والأنفلونزا والإصابة بمعظم حالات السعال وليست البكتيريا، مضيفا أن المضادات الحيوية تكون فعالة في حالة الإصابة بأمراض ناتجة عن البكتيريا، أما عندما تستخدم في علاج البرد والأنفلونزا فإنها تكون ضارة أكثر منها نافعة.

وقال فون رومر لوكالة الأنباء الألمانية، إن تناول مضاد حيوي أو دواء متبق في صيدلية المنزل من علاج سابق من هذا النوع يجعل الإنسان يشعر بتحسن وهمي، فالأنفلونزا يمكن أن تعالج على نحو فعال عن طريق الادوية المضادة للفيروسات فحسب او التحصين بلقاح ضد الأنفلونزا يحمي منها لمدة عام.

وأشارت الدراسة إلى أن الاستخدام الخاطيء  للمضادات الحيوية يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالحساسية، ويمكن ان يتسبب في مضاعفات بالنسبة للمعدة، أو أن يتسبب في الإسهال والحساسية الشديدة لضوء الشمس، كما انه قد يؤدي في الحالات الحادة إلى إلحاق إضرار بالكلى والكبد.

البرد والأنفلونزا .. هل هناك فرق ؟!


ويتساءل البعض هل هناك فرق بين البرد والأنفلونزا أم أنهما وجهان لعملة واحدة.. يؤكد الأطباء أنه في أدوار البرد وفي المراحل الأولى من العدوى لا يسهل التفريق بين البرد والأنفلونزا، فالبرد يبدأ باحتقان في الحلق وتعب وآلام في العضلات وحمى، والشعور بالبرودة والرعشة، ثم يبدأ الأنف في الرشح بعد يومين أو ثلاثة وتصاحبها الكحة، وتستمر معظم أدوار البرد من 7- 10 أيام، وليس من الغريب أن تستمر الكحة في الحدوث بعدها بأسبوع أو عشرة أيام، وفي الأطفال تبدو الحالة شديدة وذات مضاعفات خاصة، وعند حدوث عدوى بالأذن أو بالصدر، كما قد يحدث للكبار التهاب في الجيوب الأنفية.

أما الأنفلونزا فإن أول أعراضها آلام العضلات مع الشعور بالآلام في الظهر وصداع وحرارة عالية مصحوبة برعشة شديدة، ويحدث احتقان الحلق والكحة بعد عدة أيام، وعلى النقيض من أدوار البرد لا يحدث الرشح، ويعتبر الشفاء من الأنفلونزا تدريجيا إلى حد ما حيث يستغرق من 5-7 أيام، ولكن التغلب التالي لأدوار الأنفلونزا قد يستمر لمدة تصل إلى عدة أسابيع، وقد تؤدي الأنفلونزا في حالات عارضة إلى عدوى خطيرة بالصدر.

يؤكد الأطباء أن علاج البرد والأنفلونزا يتلخص في عدة خطوات أهمها الراحة والتدفئة وشرب السوائل الدافئة بكثرة، و تناول الأسبرين "فيما عدا الأطفال الصغار" للتخفيف من الألم المصاحب للبرد والأنفلونزا، كما يمكن تناول الباراسيتمول.

روشتة فعالة

وفيما أننا نصاب بأدوار البرد والأنفلونزا من وقت لآخر بسبب العدوى من شخص مريض أو قلة المناعة أو غيرها من الأسباب، لذا فمن أفضل الطرق لتجنب العدوى هو تناول الأغذية التي تقوي من المناعة وتفيد أكثر من غيرها في حالة أدوار البرد ومن أمثلتها الأغذية الغنية بفيتامين أ والبيتاكاروتين وفيتامين ج. والبيتاكاروتين الذي يستخدمه الجسم في صنع فيتامين أ ويوجد في الخضراوات والفاكهة ذات اللون الأحمر والأصفر والبرتقالي وخاصة المشمش والبرتقال والقرع والبطاطا والفلفل الأحمر والخضراوات كالبروكلي وخضراوات السلاطة مثل الجرجير.

ولكي نتناول فيتامين ج في أحسن وأصح صورة يفضل تناول الموالح والعصائر والفراولة والتوت والكيوي الذي إن لم تستسغ بطعمه بمفرده يمكنك خلطه بغيره من الفواكه المحببة إليك ودمجه معها في العصائر.

وينصح الأطباء أيضاً بتناول الخضراوات الورقية، ولكن يفضل تناولها وهي طازجة بقدر الإمكان حيث يتضاءل بها الفيتامين كلما مر عليها وقت.


وتشير دراسة حديثة أجرتها جامعة كارديف البريطانية إلى أن برودة القدمين يمكن أن تؤدي إلي الإصابة بنزلات البرد العادية‏.

واستندت الدراسة إلى أن انخفاض كمية الدم في الدورة الدموية يتسبب في خفض قدرة الجسم علي مقاومة الجراثيم والفيروسات‏.وانتهت الدراسة التي أجريت علي‏180‏ طالباً إلى أن الأوعية الدموية بالأنف تنقبض عندما تنخفض حرارة الجسم‏، مما يسهل هجمات نزلات البر

وينصح الأطباء في تحسين فاعلية العلاج من أدوار البرد والأنفلونزا بتجنب تناول الحليب ومنتجات الألبان عند الإصابة بالبرد أو الأنفلونزا باعتبار أنها تزيد من المخاط وتزيد الحالة سوءا لذا يفضل الابتعاد عنها تماما بمجرد الإصابة بأعراض البرد والأنفلونزا.

البرد المتكرر وفقدان الذاكرة

أفادت دراسة حديثة بأن نزلات البرد أو الفيروسات الأخرى قد  تؤدي إلى فقدان الذاكرة في فترة متأخرة من العمر.

وأشار الدكتور تشارلس ال هوى العالم فى أمراض الجهاز العصبي بمستشفى مايو كلينيك، إلى أن تعرض الجهاز العصبي المركزي لنزلات البرد المتكررة يمكن أن تتراكم خلال فترة عمر الإنسان وفى النهاية يؤدى اكلينيكياً إلى حدوث عيوب فى الذاكرة المعرفية.

ومن خلال الدراسة التي أجريت على الفئران، اتضح أن إصابة الجهاز العصبي ترتبط بمرض يسمى "بايكرونا فيروس" يمكن أن يكون له آثر دائم على الذاكرة.

أدوية البرد تؤثر على قدرات القيادة


أكدت نتائج دراسة قام بها فرع منظمة اختبارات الأمان الألمانية بمدينة كولونيا "تي يو في" أن أدوية البرد يمكن أن تكون لها آثار سلبية على قدرات القيادة.

وتقول كريستين فيمان-تشيمتز المستشارة الطبية للمنظمة: "حتى الأدوية غير الضارة مثل قطرة الأنف أو أدوية الشراب الخاصة بالكحة يمكن أن تؤثر على كفاءة القيادة".

وتنصح  فيمان-تشيمتز قائدي السيارات بقولها "إذا كان هناك أي شك يتعلق بآثار تعاطي أي دواء حينئذ يتعين التوقف عن القيادة".

وتؤكد الدراسة أن الأثار الممكنة لتعاطي أدوية البرد تتمثل في الإجهاد وقلة الانتباه، ويعتمد ذلك على العوامل الجسدية وجرعة الدواء.