السبت، 8 يناير 2011

عباد الرحمن ... تقوى الله


بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله - تعالى -: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً...وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً" (الفرقان: 63-76).

وهنا تتراءى أمام الدعاة إلى الله أهمية التربية الإيمانية ووسائلها ومبادئها، فتربية كل راع لرعيته مسؤولية إيمانية، واهتمام الصالحين بأسرهم وأبنائهم صفة خيرية من صفات عباد الرحمن السابقين.

في هذه الآيات الكريمات من خواتيم سورة الفرقان، يصف الله - عز وجل - أحوال عباده الذين شرفهم بنسبهم إليه.
وقبل أن نتابع أحوالهم عبر بيان كلام العلماء في تفسير الآيات نذكر بأهم الصفات التي ذكرها القرآن لأهل التقى والصلاح الذين هم عباد الرحمن المخلصين:

أهم سمات الصالحين في القرآن..
1ـ إيمانهم بالغيب:
لا شك أن هذه الصفة أخص صفاتهم، فإنها التي تدعوهم إلى العبادة والانقياد الكامل لأمر الله - عز وجل - ونهيه، وهذه الصفة هي أول صفة وصفهم الله - عز وجل - بها في كتابه.
قال الله - تعالى -: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" (البقرة: 2-4).

وقال: "إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ" (يّـس: من الآية11)، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - منذراً لكل الناس، فذكر هؤلاء لأجل أنهم هم الذين انتفعوا بإنذاره، وهذه الآية نظير آية "قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ" (فصلت: من الآية44).

والدعاة إلى الله ينطلقون من الإيمان بالغيب نحو تعديل وإصلاح حال الأرض، فهم يرتبطون بذلك الرباط الذي لا ينقطع، حيث أرواحهم رفرافة إلى الجنة وعقيدتهم سائرة على التوحيد يرتجون القلب السليم ليلقوا به ربهم..

2ـ العفو والصفح:
وهو خلق علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن يعفوا عمن ظلمه ويعطي من حرمه، وقد أخبر الله - عز وجل - أن من اتصف بهذه الصفة فأجره على الله - عز وجل - "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (الشورى: 40).

كما رغبهم الله - عز وجل - في مغفرته إذا فعلوا ذلك فقال - عز وجل - في سورة النور: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (النور: من الآية22). وقال - تعالى -: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران: من الآية134). كما قال - تعالى -: "وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" (البقرة: من الآية237).

فعلى الداعية إلى الله أن يعفوا وأن يصفح وأن يكون خير الناس صفحاً وأن يمثل القدوة والمثال في ذلك قولاً وعملاً وتطبيقاً، فكم أوذي الصالحون وغفروا، فهل تنتقم لنفسك أيها الداعية لقول سوء قيل فيك؟ أفأنت خير من هؤلاء الأخيار؟!

3- الصدق:
فهم يتحرون الصدق في كل شؤون حياتهم.. قال - تعالى -: "وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" (الزمر: 33)، وقال - تعالى -: "أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" (البقرة: من الآية177)، قال القاسمي: "أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا" في إيمانهم؛ لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال، فلم تغيرهم الأحوال ولم تزلزلهم الأهوال، وفيه إشعار بأن من لم يفعل أفعالهم لم يصدق في دعواه الإيمان، وقد رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدق، فقال: "وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً" متفق عليه.

وصدق الداعية إلى الله لا يقتصر على قوله وبعض فعله، بل يعم حياته كلها، فيصدق مع نفسه ويسأل نفسه: لمن أقوم بالدعوة إلى الله؟ وهل أرجو الشرف لنفسي؟ وهل أرجو الفخر لنفسي؟ وماذا لو لم أذكر بشيء هل أظل حريصا عليها؟!

4- تعظيم شعائر الله:
قال - تعالى -: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج: 32).
قال القرطبي - رحمه الله -: شعائر الإسلام أعلام دينه... وأضاف التقوى إلى القلوب؛ لأن حقيقة التقوى في القلب، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "التقوى ههنا وأشار إلى صدره"، فالمتقون يعظمون طاعة الله وأمره فيدفعهم ذلك إلى طاعته، ويعظمون كذلك ما نهى الله عنه فيدفعهم ذلك عن معصيته، وعكس ذلك الاستهانة بالأوامر فلا يؤديها، وبالنواهي فيقع فيها نسأل الله السلامة، قال أنس - رضي الله عنه -: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، لنعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات" البخاري.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "إن المؤمــن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقـال به هكذا" البخاري.
قال العيني: السبب فيه أن قلب المؤمن منور فإذا رأى من نفسه ما يخالف ذلك عظم الأمر عليه، والحكمة في التمثيل بالجبل أن غيره من المهلكات قد يحصل منه النجاة بخلاف الجبل إذا سقط عليه فإنه لا ينجو عادة " جامع الأصول.

والدعاة إلى الله يعلمون الناس تعظيم شعائر الله قولا وفعلا، فواجب عليهم أن إذا ذكروا تذكروا، وإذا نهو انتهوا، وإذا وعظهم واعظ استمعوا، وإذا ردهم للحق راد عادوا إلى الصواب، وهم يعظمون شعائر الله حتى لو فقدوا كل ما يملكون...

أوصاف عباد الرحمن كما في الآيات...
1- أول هذه الأوصاف أنهم يمشون على الأرض هونا "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً" أي: بسكينه ووقار وتواضع وبغير تجبر ولا استكبار، وليس المقصود أنهم يمشون كالمرضى تضعفا ورياء، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا مشى فكأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له، وقد كره السلف المشي بتضعف وتصنع، وقال الحسن البصري - رحمه الله -: إن المؤمنين قوم ذلت منهم والله الأسماع والأبصار والجوارح، و دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة.

والداعية إلى الله إنما هو نموذج للتواضع وخفض الجناح، فلا يغتر بعلم، ولا يظنن أنه قد اكتسب مكانته بين الناس بجهده، بل هو محض فضل من الله، وكرم لما يحمل من خير، وليبن ذلك في حديثه وسلوكه وفي غضبه ورضاه.

2- وثاني صفاتهم: أنهم "وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً" أي: إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيئ لم يردوا عليهم بمثله، بل يصفحون ولا يقولون إلا خيراً كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تزيده شدة الجاهل إلا حلما.

وللنبي - صلى الله عليه وسلم - مشاهد كثيرة في حلمه على الناس وفي دفع السيئة منهم بالحلم منه - صلى الله عليه وسلم - فيقابل السيئة بالحسنة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً".

كذلك في الحديث المتفق عليه عن أنس - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء.

فهل يمتثل الدعاة إلى الله ذلك الوصف؟ فكم رأينا من داعية غضوب، وكم رأينا من ينتقم لنفسه، وينتصر لها، بل وقد يقع بعضهم في عرض آخر، وقد يغتابه، محتجاً بأنه ينتقده علميا أو فقهيا، وقد يستبيح بعضهم سباب آخرين لمجرد مخالفته في أسلوب عمل.. فتأمل!

3- وصفتهم الثالثة: أنهم "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً" فأخبر الله - سبحانه وتعالى - عن عبادة أن ليلهم خير ليل، فقال - سبحانه وتعالى -: "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً" وكما قال - تعالى -: "كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" (الذاريات: 17، 18)، وقال - تعالى -: "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً" (السجدة: من الآية16)، وأشار - سبحانه وتعالى - في قوله: "لِرَبِّهِمْ" إلى إخلاصهم فيه ابتغاء وجهه الكريم.

وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان ينام أول الليل، ويقوم آخره فيصلي" متفق عليه.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء، قالوا: ما هممت؟ قال هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه.

وروى مسلم عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلى بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، (يعني على آل عمران) ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترتلاً، وإذا مر يتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه ثم قال سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد ثم قام طويلاً قريباً مما ركع ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه.
وروى مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل؟ فقال: "طول القنوت".

والدعاة إلى الله أحوج ما يكون إلى وقوف في جوف الليل وسجود طويل بين يدي الله لتصفو منهم النفوس وتطهر منهم القلوب فيصيرون أهلا لتلقى الأمانة وأداء التبعة.

4- وصفتهم الرابعة: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً" فهم وجلون مشفقون من عذاب الله - عز وجل -، خائفون من عقابه، "إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً" أي: ملازما دائما. ولهذا قال الحسن البصري: كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام، وإنما الغرام اللازم ما دامت الأرض والسماوات.
فخوف الدعاة إلى الله غير نظرتهم للأهداف، وغير طموحهم ورجائهم، فلا رجاء لهم في الدنيا غير رجاء الخائفين، ولا استقرار لهم في المتاع، ولا هم يتلذذون بلذات الدنيا..

5- وصفتهم الخامسة: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم وقال الحسن البصري: ليس في النفقة في سبيل الله سرف، وروى مسلم عن أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أفضل دينار ينفقه الرجل دينا ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله.

6- وصفتهم السادسة: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً" (الفرقان: 68).
روى البخاري في الجامع الصحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أكبر؟ قال: "أن تجعل لله أنداداً وهو خلقك" قال: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك" قال: ثم أي؟ "أن تزاني حليلة جارك" قال عبد الله وأنزل الله تصديق ذلك "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ" الآية.

7- وصفتهم السابعة التوبة: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً" (الفرقان: من الآية70).
روى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلى ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ثم قرأ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ" (آل عمران: من الآية135).. " أخرجه أحمد في المسند وصححه أحمد شاكر.

وفي الصحيحين عن عثمان أنه توضأ ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه".

وفي الصحيحين عن أنس قال: "كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه عليّ قال: ولم يسأله عنه، فحضرت الصلاة فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قام إليه الرجل، فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم فيَ كتاب الله، قال: أليس قد صليت معنا؟ قال نعم قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك".
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - تعالى -: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" (الحج: من الآية78) قال: "هو سعة الإسلام وما جعل لأمة محمد من التوبة والكفارة".

والدعاة إلى الله لاشك يذنبون، ولكنهم فوراً يسارعون إلى التوبة والاستغفار واتباع السيئة الحسنة، فالصف المؤمن إذا دخله الفساق واستقروا وانتشروا فيه فَقَدَ اتزانه وتخلخل ثباته فلم يعد يصلح لتحمل الأمانة..

8- وصفتهم الثامنة: "وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً" فهم لا يشهدون الزور، وهو: الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل، كما في الصحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "الشرك بالله وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس، فقال: "ألا وقول الزور ألا وقول الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت، يقول ابن كثير - رحمه الله - والأظهر من السياق أن المراد لا يشهدون الزور أي: لا يحضرونه، ولهذا قال - تعالى -: "وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً" أي: لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا به ولم يندسوا منه شيء، ولذلك قال: "مَرُّوا كِرَاماً".

9- وصفتهم التاسعة: "وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً" أي: هؤلاء المؤمنون وهم عباد الرحمن حالهم بخلاف من إذا سمع آيات الله فلا تؤثر فيه فيستمر على حاله كأن لم يسمعها.

فكم سمعنا عن بكاء الصالحين ودموع العابدين، فهل افتقد الدعاة تلك الدموع؟ أم هل جفت دموعهم لما غابت عن البكاء في سبيل الله، إن دموع الداعية إلى الله هي عطر حلال يعطر به نفسه ويزين به وجهه أمام الله.

10- وصفتهم العاشرة: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ" يعني الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من ذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له، قال ابن عباس: أي يخرج من أصلابهم من يعمل بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة.
سئل الحسن البصري عن هذه الآية، فقال: والله لا شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولداً، أو ولد ولد أو أخا أو حميما مطيعا لله - عز وجل -، وقال ابن عباس أئمة يقتدى بنا في الخير، قال غيره أجعلنا هداة مهتدين دعاة إلى الخير.
وهنا تتراءى أمام الدعاة إلى الله أهمية التربية الإيمانية ووسائلها ومبادئها، فتربية كل راع لرعيته مسؤولية إيمانية، واهتمام الصالحين بأسرهم وأبنائهم صفة خيرية من صفات عباد الرحمن السابقين.









مفهوم التقوى:التقوى: 
كلمة (تقوى) الله تفسّر بشكل حرفي أنها من الفعل (وقى) الذي من معانيه الستر والصون والحذر (وقاية).
يقول الأصفهاني: التقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف هذا تحقيقه، ثم يسمى الخوف تارة تقوى، والتقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه والمقتضي بمقتضاه، وصار التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور.(من:مفردات ألفاظ القرآن،للأصفهاني.)
فتكون تقوى الله الحذر والخوف منه وتجنب غضبه وكأننا نتقي غضبه وبطشه بطاعته وبرضاه.
والتقوى هي الرباط الذي يعقل النفوس عن أن تنطلق حسب رغباتها ووفق هواها، فهي قيد وثيق محكم لا يستطيع المؤمن أن يتفلت منه إذا كان يخشى الله ويتقيه.
والتقوى ضابط أساسي من ضوابط السلوك الإنساني جميعه في مضمار هذه الحياة لأنها في حقيقتها مراقبة الله والحرص على مرضاته والخوف من عذابه.
معنى التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية، تقيه منه. 

وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه. 

وهذه بعض عبارات سلفنا الصالح في توضيح معنى التقوى. 

قال ابن عباس رضي الله عنهما: " المتقون: الذين يحذرون من الله وعقوبته "

وقال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله. وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله. 

وقال ابن مسعود في قوله تعالى: (اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ( آل عمران:102] قال: أن يُطاع فلا يُعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر".

"سأل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أبيّ ابن كعب فقال له: ما التقوى؟ فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك؟! فقال: نعم، قال: فماذا فعلت؟ قال عمر: أُشمّر عن ساقي و أنظر الى مواضع قدماي و أقدم قدماً وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكه ، فقال أبيّ ابن كعب : تلك هي التقوى ".
وسئل علي رضي الله عن التقوى فقال: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل
والتقوى: هي أن تجعل بينك وبين محارم الله حاجزا, وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي
وكلمة التقوى مشتقة من الوقاية ، فالتقوى: هي إطاعة الله خشية عذابه، وهي عمل بطاعة الله على نور من الله مخافة عقاب الله.
ومكان التقوى القلب، لكن الدليل على مايضمره القلب هو الأعمال الظاهرة على الجوارح، فمن ادّعى التقوى وكانت أعماله تناقض قوله فقد كذب . ويختلف مقدار ما يفرض الله على المرء من تقوى بحسب استطاعته ، قال الله تعالى: ” فاتّقوا اللّهَ ما استَطَعتُم ” -18- . والسبيل إلى التقوى هو مراقبة النفس ومنعها عن إتباع أهوائها بما يناقض أوامر الله تعالى ولكي تنقاد إلى ما أمر به وعدم الغفلة سواء في حالة الانقياد الى أمر الله أو اجتناب نواهيه ، 


أهمية التقوى.
إن التقوى هي وصية الله لخلقه أجمعين من الأولين والآخرين من عباده قال سبحانه وتعالى): وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا [النساء:131]. والتقوى هي وصية الرسل الكرام: 
[كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ(123)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ(124) ] (الشعراء ) . 

[كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ(141)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(142) ] (الشعراء ) . 

[كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ(160)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ(161) ] (الشعراء ) . 

[كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ(176)إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ(177) ] (الشعراء ) . 

[وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10)قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ(11) ] (الشعراء ) . 
وهي أيضاً: وصية الرسول لأمته، فعن أبي أمامة صُدى بن عجلان الباهلي قال: سمعت رسول الله يخطب في حجة الوداع فقال: { اتقوا ربكم وصلّوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدّوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم، تدخلوا جنة ربكم }. وكان إذا بعث أميراً على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً. وكان إذا أتاه أحد مسافرا ودعه ووصاه بتقوى والتكبير عند كل شرف
ولم يزل السلف الصالح يتواصون بها في خطبهم، ومكاتباتهم، ووصاياهم عند الوفاة. 

وكتب عمر بن الخطاب إلى ابنه عبد الله: "أما بعد... فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل الذي لا بد لك من لقائه، ولا منها لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة"

وكتب أحد الصالحين إلى أخ له في الله تعالى: " أما بعد.. أوصي بتقوى الله الذي هو نجيك في سريرتك، ورقيبك في علانيتك، فاجعل الله من بالك على كل حال في ليلك ونهارك، وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك، واعلم أنك بعينه، لا تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره، ولا من ملكه إلى ملك غيره، فليعظم منه حذرك، وليكثر وجلك، والسلام " 
والتقوى وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته عن العرباض بن سارية: قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فوعظنا موعظة بليغة زرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فقال: " أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :
( اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ) . 
والتقوى وصية السلف الصالح رضوان الله عليهم، كان أبو بكر ـ رضي الله ـ عنه يقول في خطبته: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، ولما حضرته الوفاة، وعهد إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ دعاه فوصاه بوصيته قائلا : اتق الله يا عمر. 

وكتب عمر رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله: ،أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل، فإنه من اتقاه وقاه، واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك . 

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: ،أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل ، ولما ولي خطب فحمد الله وأثنى عليه وقال: ،أوصيكم بتقوى الله عز وجل، فإن تقوى الله خلف من كل سعي، وليس من تقوى الله خلف ، وقال رجل لرجل أوصني، قال: أوصيك بتقوى الله، والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وكتب رجل إلى أخيه أوصيك بتقوى الله، فإنها من أكرم ما أسررت ،وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت. 
.
والتقوى هي أجمل لباس يتزين به العبد: [ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ] (الأعراف ـ 62). 

إ ذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى ********** تقلب عريانا وإن كان كاسيا

وخير لباس المرء طاعة ربه ********** ولا خير فيمن كان لله عاصيا 

والتقوى هي أفضل زاد يتزود به العبد، قال تعالى: [وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ(197)] (البقرة ). 

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا ). 

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ********** خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ********** ولا أن ما يخفى عليه يغيب.

وعن معاذ بن جبل وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:أتّقِ اللّه حيثُما كنتَ وأتبِع السيئةَ الحسَنَة تَمحُها وخالِقِ الناسَ بِخُلُق حَسَن ” (رواه الترمذي وقال حديث حسن)
وقد حث الله تعالى في القرآن الكريم على التقوى في آيات كثيرة:منها قوله تعالى: (ياءيها الّذين أمنوا اتقوا اللّه حقّ تُقاتِه ولا تَموتُنّ إلاّ وأنتُم مسلمون ”) ، ” ياءيها النّاسُ اتّقوا ربّكُم إنّ زلزلة الساعة شيء عظيم  ( ياءيها النبيّ اتق اللّه ولاتُطِع الكافرين والمُنافقينَ إنّ اللّه كانَ عَليما حَكيما ) 

الأحد، 2 يناير 2011

اوائل طلاب الازهر بالاقصر المريس

اوائل ا الطلاب للمعهد الازهرى بالمريس الاقصر 
1//محمود محمد ابراهيم
2/محمد عبد الرؤؤف عبدالله
3/محمود عبدالحميد محمد حسن
4/محمود مختار عبدة
5/يحيى ابراهيم الصديق
6/محمد حسن محلى
7/محمد بدوى السنوسى


اضغط على الموقع لتشاهد اوائل طلاب الازهر بالاقصر المريس