الجمعة، 27 أغسطس 2010

الفراغ /والاميه الفكريه فى وقتنا المعاصر






     الفراغ
في اللغة العربية يعني الخلو من الشغل وفي دائرة معارف القرن العشرين ( فرغ) من العمل يفرغ فروغاً خلا منه فهو فارغ (وفرَّغ) الإناء أخلاه ( وفرغ) الماء صبه و(تفرغ) لكذا تحلى له .([1]) وفي الموسوعة القرآنية فرغ ( يفرغ فراغاً وفروغاً) خلا من الشغل وهو فارغ([2]) وقد كتب الباحثون في علم الاجتماع العديد من التعريفات لوقت الفراغ وإن جاءت مختلفة مع بعضها في بعض الوجوه ومتفقة في أخرى. وقد تحدث ستانلي باركير عن وقت الفراغ وهو يرى أن هناك ثلاث طرق أساسية لتعريف الفراغ .([3])
§  الطريقة الأولى : فهي تعريف الفراغ باعتباره الوقت الفائض عن العمل وواجبات الحياة الأخرى مثل النوم والأكل وبعض الحاجات الفسيولوجية وذلك بأن تأخر الأربع وعشرين ساعة ويسقط منها الفترات التي لا تعد فراغاً. وفي ضوء ذلك يعرف القاموس الاجتماعي(Dictionary ofsciology) الفراغ [هو الوقت الحر بعد قيام الفرد بمسؤولياته الحياتية
§  الطريقة الثانية : هو تعريف الفراغ هو لا ينظر إلى الفراغ على أنه فترة من الوقت ولكن يعالجه بوصفه نوعاً من النشاط الذي يستمتع به الشخص وهو ينظر على الفراغ على أنه نوع من السلوك وليس جزءاً من الوقت الفائض لدى الإنسان.
      وعلى هذا يعرف بعضهم وقت الفراغ بأنه الوقت الحر الذي يفعل فيه الإنسان ما يشاء([5])وهناك من يفرق بين وقت الفراغ والوقت الحر على أن الوقت الحر يمكن أن يحصل عليه أي إنسان أما وقت الفراغ فلا يتيسر لكل شخص لأنه يتضمن قدرات ومهارات خاصة يمكن الفرد من الوصول إلى حالة نفسية مثالية يشعر فيها بالراحة والسعادة والهدوء النفسي.
§   الطريقة الثالثة : بين الاتجاهين فنأخذ في الاعتبار بعدين في تعريف وقت الفراغ هما الوقت والنشاط.
      نجد في دائرة معارف العلوم الاجتماعية (أن وقت الفراغ هو الذي يتحرر فيه الفرد من المهام الملتزمة بأدائها بصورة مباشرة وغير مباشرة) والواقع أن الفهم الصحيح للفراغ يتطلب أن نأخذ في الاعتبار عنصري الوقت والنشاط، كما أن مقدار الوقت المتاح لنا هو للفراغ الذي يحدد ما يمكن أن نفعله خلاله سواء تمثل في لحظات تنتزعها من زحمة العمل للراحة ولذا فالفراغ جزء من الوقت الغير مستخدم، ويجب استغلاله وإلا أصبح فراغاً داخلياً ونفسياً وفكرياً. وإن الصلة بين وقت الفراغ والنظام الديني في المجتمع صلة وثيقة وذلك لأهمية دعم العلاقات بين ما يدين به الناس وما يمارسونه من أنشطة خلال وفق الفراغ على نمو يحقق مزيد من الارتباط بالقيم والأخلاقيات الإسلامية وإن من مفاخر الإسلام أنه لم يترك أمراً إلا وعالجه معالجة تنفع الفرد والمجتمع.
      وحق علينا أن نوضح المفهوم الإسلامي لوقت الفراغ وأهمية استعماره  ..قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ) رواه البخاري.()فهذا الحديث الذي جمع بين الصحة والفراغ في إيجاز معجزة قد احتوى قيماً عديدة فقد أوضح أن الصحة نعمة يجب أن يحافظ عليها الإنسان وأن كثيراً من الناس يهملون صحتهم فيهدرون النعمة لعدم تبصرهم وبعد نظرهم ومعرفتهم لدينهم وتطبيقهم لتعاليمه في أمور دنياهم أما الفراغ فقد اقترن في هذا الحديث بالصحة وصاحبها والصحة من أعظم شيء لدى الإنسان ومن أعز ما يملكه ومن هذا يتسن لنا خطورة وأهمية وقت الفراغ ولعلي لا أقصد وقت الفراغ بقدر ما أقصد الفراغ وخلو العقل من الأفكار الصحيحة أو بعبارة أخرى الفراغ الذي نقصده هو خلو العقل من الوعي هو ضد الوسطية وأنها مطلباً شرعياً وحضارياً ليتحقق بها التأمل والانسجام في ظل الشريعة الإسلامية لما جاء المنهج القرآني الذي يروض طرق النقيض فلا يبيح الإفراط.
        والفراغ الفكري هو ما يمكن تعريفه بخلو عقل الإنسان من الفكر والوعي وهذا يعني أن عقل الإنسان في هذه الحالة يكون سليماً تماما إلا أنه لم يتم استغلاله والاستفادة منه بالشكل الصحيح والواقع أن الفراغ الفكري ليس مقصوده خلو عقل الإنسان من المعلومات وإنما خلو عقل الإنسان من الفكر والذي هو ناتج عن جمع معلومات من مصادر مختلفة وتحليلها والاستفادة منها والخروج بقناعات وثوابت فكرية محددة والحديث عن الفكر يقودنا لتعريف الفكر لغة واصطلاحاً ومن ثم هناك ارتباط كبير بين الفراغ الفكري لدى الإنسان ومشاكل الفراغ الأخرى ولكن الفراغ الفكري في نظري يرجع للأسباب التالية:
1-    الجهل الناتج عن الأمية الفكرية.
2-    عدم وجود التوعية الأبوية الكافية منذ الصغر.
3-    عدم مبالاة الإنسان بالأحداث التي تجري حوله والاستفادة منها.
4-    عدم وجود مناعة فكرية تقي العقول من الغلو والإفراط الفكري.
          والحديث الثاني (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك).([8]) وهنا في هذا الحديث أقترن الفراغ بنعمة من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان وهي المال والصحة والشباب ووجهنا الرسول Iإلى أن نغتنم الفرصة وأن نستفيد من نعمة الفراغ وربط بين الفراغ والعمل وأوضح أن الفراغ قبل العمل ولا بد لنا أن نفكر فيه ونستعد به قبل عملنا وهذا إعجاز في شرح الفراغ وبيان أهميته
ويعد الفراغ الفكري من أبرز الانحرافات السلوكية لدى الشباب فهو من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الاجتماعي حيث يعد تربية للانحراف حيث أشارت بعض الدراسات التي أجريت في مجال الأحداث الجانحين إلى أن نسبة كبيرة من حوادث جنوح الأحداث تقع خلال وقت الفراغ
ولذا نتاج الخلل الاجتماعي لتشكيل الفكر المنحرف تنطلق من:
1-  أصحاب الأفكار المتطرفة لديهم رغبة جامحة في إقصاء الآخرين فهم الوحيدون القادرون حسب رؤيتهم على فهم الحقائق والأمور.
2- أصحاب الأفكار المتطرفة لديهم أحادية في النظر فالحقائق لديهم ليس لها إلا وجه واحد وطريق الحياة ليس له غلا مسار واحد في رؤيتهم.
3-   أصحاب الفكر المتطرف يحملون توجيهات عقدية وفكرية تؤكد ما لديهم من قناعات ولا يرغبون في التنازل عنها كما أنهم غير مستعدين للتخلي عنها أو مناقشة الآخرين فيها([11])
    ومن هم فالتطرف يكون على مستويات ثلاث:
(1)     المستوى العقلي والمعرفي والمتمثل في انعدام القدرة على التأمل والتفكير.
(2)     المستوى الوجداني المتمثل بالاندفاعية في السلوك.
(3)     المستوى السلوكي والمتمثل في ممارسة العنف على الآخرين.
وخطورة السلوك المنحرف هو تحوله إلى سلوك تدميري تنطلق منها خمس زوايا مهمة هي :
1)    أيديولوجية فكرية تبرز أنماط السلوك التدميري المخالف لأعراف المجتمع.
2)    قابلية لإيحاء لتقبل الأفكار وتنفيذها على أرض الواقع.
3)    تدريس عسكري يساعد على مواجهة الآخرين وتنفد الإرادة الإجرامية.
4)    الفرصة السانحة لتحويل المشاعر السالبة إلى أنماط سلوكية على أرض الواقع.
5)    التطرف على المستويات الثلاثة
2- الدوافع إلى العنف والتطرف:
        إن مظاهر التطرف والعنف التي بدأت في الظهور في المجتمع بصورة مختلفة ومتعاقبة وأن معظم المنتمين إليها والمشاركين فيها من الشباب فهو دليل واضح على غضب هؤلاء الشباب وعدم قدرتهم على تحقيق آمالهم في العمل المناسب والزواج وتكوين أسرة، مما يدفعهم للتعبير عن غضبهم من خلال الانتماء إلى الاتجاهات المتطرفة أو المشاركة في عمليات العنف التي بدأت تغزو المجتمع مؤخراً، معتقدين أن هذه الأنشطة قد يكون فيها الحل لمشكلاتهم.
     ويقصد بالتطرف الجنوح فكراً وسلوكاً ، وهو ينشأ من التناقض في المصالح أو القيم بين أطراف تكون على وعي وإدراك لما يصدر منه، مع توافر الرغبة لدى كل منهما للاستحواذ على موضع لا يتوافق بل وربما يتصادم مع رغبات الآخرين مما يؤدي إلى استخدام العنف لتحقيق الهدف المنشود .
       أن مفهوم التطرف من المفاهيم التي يصعب تحديدها أو إطلاق تعميمات بشأنها، وترتبط هذه الصعوبة بالمعنى اللفظي والذي يشير إلى "تجاوز حد الاعتدال" وهو معنى نسبي يختلف من زمن لآخر، ومن مجتمع لآخر، وفقاً لنمط القيم السائدة فيه، فما يعتبر تطرفاً في زمن ما، قد يكون مقبولاً في زمن آخر، وما ينظر إليه على أنه تطرف في مجتمع ما قد يكون مألوفاً في مجتمع آخر، والاعتدال أيضاً يتغير مدلوله بتغير البيئات والحضارات والثقافات والديانات وترتبط هذه الصعوبة في تحديد مفهوم التطرف بأن حركته في بدايتها تكون في حدود القواعد غير محسوسة يصعب معها تحديد النقطة التي يتجاوز عندها حد الاعتدال ويبلغ حد التطرف . ([14])
     ويعتبر التعصب من أهم علامات التطرف، حيث يعبر عن التصلب والتشدد لما يعتنق الفرد من أفكار وآراء وهو أسلوب يؤدي غالباً إلى الانعزال عن الفكر السائد في المجتمع ويغلق باب الحوار والفهم المتبادل، ويسد الطريق أمام فهم ما يستجد من أحداث وأفكار، ويميل الشخص المتطرف إلى تقبل كل ما يزيد من اقتناعه بالأفكار التي يدافع عنها، وولائه لها إلى حد أن تصبح هذه الأفكار هدفاً في حد ذاتها يكرس جهده وطاقته للدفاع عنها والمحافظة عليه، خاصة إذا كانت تحقق له مكانة متميزة وسط الجماعة التي ينتمي إليها، وقد يتجاوز هذا إلى محاولة فرضها على الآخرين ولو باستعمال القوة والعنف.
      ومن المناسب هنا أن نفرق بين التطرف والإرهاب إذ أن التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتوافق ومتعارف عليه سياسياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار المتطرفة بسلوكيات فعلية مادية متطرفة أو عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة، أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد بالعنف فإنه يتحول إلى إرهاب، فالتطرف إذن غالباً ما يكون في دائرة الفكر، وقد ينعكس هذا الفكر على السلوك، وذلك في أشكال متعددة، قد يأخذ بعضها شكل القول أو الكتابة أو غيرها من وسائل التعبير عن الرأي، وقد يتجسد الفكر المتطرف في أنماط أخرى من السلوك كارتداء زى معين، أو الامتناع عن سلوك معين، أما عندما يتحول الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك أو الاعتداء على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح فإنه عندئذ يتحول إلى إرهاب
      إن التطرف هو أسلوب استجابة يتمثل في الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية السائدة في المجتمع ومعبراً عنه بالسلبية أو الانسحاب بتبني قيم ومعايير مختلفة قد يصل الدفاع عنها إلى حد استخدام العنف والاصطدام بالمجتمع.([16]) إذن فالعنف هو استخدام القوة لاغتصاب شيء من فرد أو الجماعة ليسوا على استعداد لكي يمنحوه عن طيب خاطر. فالسرقة مثلاً ليست دائماً عنف، ولكن اغتصاب المرأة هو عنف لأن المغتصب في هذه الحالة يحصل عن طريق القوة والقسر ما يحُصل عليه عادة عن طريق القبول المحبب.([17])
      والواقع أن هناك تنميطاً للعنف طورته النظرية السوسيولوجية يمكن أن يساعدنا في تحديد معنى العنف في بحثنا الحالي، ومن وجهة النظر هذه يتم تجميع الأحداث ذات الطبيعة والخصائص المتماثلة في نمط متجانس، فينقسم العنف مثلاً إلى :
1-     عنف عقلاني غير مسئول.
2-     عنف متشئ أو متحدى.
3-  عنف انفعالي أو عاطفي، والنوع الذي يهمنا هنا هو العنف العقلاني أو الرشيد وهو أكثر أنماط العنف نضجاً وفاعلية، ذلك لأنه يملك إطاراً واضحاً يحتوي بداخله على نوع من الانفجار الذي يفتقد صلة موضوعية بسياقه الاجتماعي، إذ عادة ما يتم خدمة لأغراض بعض المحرضين، ويكون المشتركين فيه في العادة على وعي كامل بالأهداف الموضوعية كما يكونون عادة على درجة ثقافية وتعليمية أفضل، وعلى درجة أعلى من الوعي السياسي، وعلى فهم محدد لأدوارهم وأدوار الآخرين في مسار الأهداف وتطورها. ومن أسباب عدم وجود اتساق في البناء الاجتماعي على أي مستوى من مستوياته كالدخل المنخفض، وانتشار البطالة والمحسوبية في شغل الوظائف، والإسكان السيئ والآثار السيئة للتنمية الحضارية أو عدم فاعلية السلطة السياسية على المستوى الداخلي والخارجي
ويمكن أن يتخذ العنف الذي تستخدمه الجماهير ثلاث درجات:
1- الشغب: وهو عنف سياسي غير منظم تلقائي نسبياً، مع مشاركة شعبية لها شأنها تشمل الاضطرابات السياسية العنيفة والاضطرابات السياسية والمظاهرات والثورات ذات الطابع المحلى.
2- التآمر: وهو عنف سياسي على درجة عالية من التنظيم مع مشاركة محدودة بما فيها الاغتيال السياسي المنظم والإرهاب على نطاق صغير وحروب العصابات المتعددة.
3- الحروب الداخلية: وهي عنف سياسي على درجة عالية من التنظيم مع مشاركة شعبية واسعة الانتشار، ويراد به قلب نظام الحكم أو القضاء على الدولة القائمة وبصحبه عنف بعيد المدى وإرهاب واسع النطاق وحروب عصابات  وثورات.)
     والتفسيرات السيكولوجية والسوسيولوجي التي حاولت تفسير مظاهر وسلوكيات الشباب وتفسير نزوع البعض منهم نحو التطرف والعنف ...
أ - الاتجاه السيكولوجي:
       يرجع أصحاب هذا الاتجاه أسباب التطرف إلى فقدان التوازن والاتجاه نحو مختلف نماذج عدم الامتثال مع المجتمع وقيمه ومعاييره السلوكية إلى مدى قدرة الفرد على استجابته للتغيرات الاجتماعية والثقافية والبيئية التي يتعرض لها خلال أنواع الصراع والتوتر، وتؤدي إلى تدعيم مشاعر الفشل والإحباط لديه، ويتوقف نوع الاستجابة سواء كانت انعزالية أو عدوانية على مدى قوة ونوعية الضوابط التي توجه الذات .(
      وبالمثل فإن ظاهرة العنف كما يراها الاتجاه السيكولوجي تقوم على افتراض وجود نوع من الإحباط، والشعور بالضياع، ووجود فراغ أخلاقي لدى الشباب المتصف بالعنف والذي يفتقر إلى الإحساس بأن لوجوده رسالة أخلاقية، وبالتالي الإحساس بتفاهة الحياة، وكذلك الإحساس بضعفهم وقلة حيلتهم، فقد أخفقت التربية في إعطائهم هدفاً رفيعاً يصلح أن يكون رمزاً، أو محوراً تدور حوله حياتهم، ويبنون عليه طموحهم الاجتماعي والإنساني، وهذا الفراغ الروحي والأخلاقي في حياة الشباب يعوض بتبني أهداف اجتماعية أخرى، ذات بريق كالاحتجاج على النظام الاجتماعي ككل .
ب - الاتجاه السوسيولوجي:
      أما علم الاجتماع ومن خلال منظوره الخاص اهتم بدراسة ومعالجة قضايا الشباب في صلتها بالمجتمع، واهتم بدراسة الظواهر المرتبطة بسلوكهم واتجاهاتهم المتطرفة، والثورات الطلابية، والثقافات الانعزالية، والتمرد والرفض، والعنف، ودراسة قيمهم السلوكية، ودورهم في عمليات التغيير والبناء والتنمية، وذلك في ضوء الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع، وعلاقته وأثره على جميع هذه العوامل على اعتبار أن الشخصية نسق تتساند فيه الدوافع والقدرات العقلية والجسمية الفطرية والمكتسبة مع القيم والمعايير السائدة في المجتمع، وأساليب التنشئة التي تهيئ الفرد لأداء الدور المتوقع منه في المجتمع .([22]) وقد اتجهت بعض المعالجات في هذا المجال إلى إرجاع العديد من الأنماط السلوكية التي يلجأ إليها الشباب كالرفض والتطرف والانعزالية والاغتراب...وغيرها إلى أسباب تتعلق بالواقع الاجتماعي الذي يعيشونه نذكر منها:
1- الصراع بينهم وبين الكبار وهو ما يطلق عليه "صراع الأجيال" حيث يمكن إرجاع التطرف إلى الصراع بين جيل الكبار وجيل الشباب والفجوة القائمة بينهما.
2- تأثير البناء الاجتماعي على الأنماط السلوكية ( البنائية والوظيفية ) وهذا المدخل يوضح أن البناءات الاجتماعية توجد ضغوطاً واضحة يتعرض لها بعض أفراد المجتمع بسبب دوافع غير مشبعة مما يدفعهم إلى عدم التوافق مع المجتمع وانعكاس ذلك أخلاقياً عليهم.

الأمية الدينية.. الأسباب والعلاج

المتأمل في أحوال شباب المسلمين في عصرنا هذا، يقلق كثيراً إزاء ما يلمسه لديهم من تهاون بشعائر دينهم، ومبادئه، وأحكامه، وتاريخه، وعلومه المتعددة.
ومرجع ذلك كله إلى ما يعانيه شبابنا من أمية دينية أدت إلى تفشيها سياسات إعلامية وتعليمية وثقافية تتبناها الدول الإسلامية بقصد وبغير قصد، وهو ما أفرز - في نهاية المطاف - ما نراه على الساحة من تيارات عنف، ومن تخبط في معالجة ما يسمى ب: "الخطاب الديني".

مفهوم الأمية الدينية:


قصور الفهم الحقيقي للإسلام برغم علو الشهادات العلمية.
آثار الأمية الدينية وخطرها:
1- إذا آمنا بأن الشباب هم مصدر قوة المجتمع، بدينهم المتمكن في نفوسهم، والذي يدافعون عنه بكل ما أوتوا من قوة؛ فإنهم إن لم يكونوا أقوياء بدينهم كانوا لقمة سهلة الابتلاع في أفواه أعدائهم الجائعة.
2- إن الأمية الدينية عند الشباب تحول دون تقدم المجتمع وتطوره إذ هم حملة لوائه.
3- من نتاج الأمية الدينية طمس الشخصية الإسلامية، والاكتفاء بإبراز هوية مسلم لكن بشخصية غير إسلامية؛ لأن البديل لمن لم يع دينه هو التبعية للآخرين سواء بالفكر أو الاعتقاد، فتجد من يدعي أنه مسلم بالهوية فيما هو علماني بالاعتقاد ماركسي بالاقتصاد!!
4- امتداد خطرها للأجيال التي لم تأت بعد، فالشباب الذي يجهل دينه سيربي أولاده على ذلك فتتوراث الأجيال الأمية الدينية إلى مالا نهاية، ونزداد ضعفاً مع هذا التوراث.

ما أسباب الأمية الدينية؟


ينشأ الشاب المسلم في بيئة لها أوضاع معينة، وتحكمها عادات وتقاليد ومقاييس أخلاقية خاصة.
وتتدرج هذه البيئة من الأسرة إلى المدرسة ثم المجتمع، وإذا أردنا أن نبحث في أسباب الأمية الدينية عند الشباب المسلم فإننا سننطلق من البيئة التي يتدرج فيها الشاب، ونبدأ بالأسرة، ثم المدرسة، ثم المجتمع.

أولاً- الأسرة:


1- ضعف التوجيه الأسري للشباب، وعدم إعدادهم في الأسرة منذ الصغر الإعداد الديني الكافي للمسلم الحق، ومن أسباب هذا الضعف الأسري ما يلي:
أ- عدم توفر الوعي الديني الكافي عند الوالدين.
ب - كثرة أفراد الأسرة، بحيث ينصب تركيز الوالدين على الإعداد المادي للأولاد وإهمال الإعداد الديني.
ج - حب الذكور وتمييزهم عن الإناث مدعاة لبعض الأسر لعدم توجيههم دينياً باعتبار أن الالتزام الديني سيقيد الشباب، فيتركونهم على حريتهم من دون متابعة، ولا حتى متابعة أصدقائهم، علماً بأن الرفاق لهم تأثير كبير على الفرد بتوجيه سلوكه إلى الخير أو الشر.
د - أثبت التربويون أن التردد والتذبذب في تربية الأطفال، أو ما يسمى بظاهرة التدليل، والإباحة له آثار سلبية في سلوك الأطفال، وتجعلهم عصاة لآبائهم وأمهاتهم.

ثانياً- المدرسة:


أ- المناهج في كثير من بلاد المسلمين غير موجهة توجيهاً كافياً لإعداد الفرد دينياً. فقد وجدت البحوث التربوية الحديثة عزوفاً من الطلبة عن دراسة التربية الإسلامية للأسباب التالية:
- منهج التربية الإسلامية لا يتناول واقع الطلاب، ولا يعالج ما يودون معالجته من أمور تهمهم.
- يعاني منهج التربية الإسلامية من صعوبة العرض.
- بعض مدرسي التربية الإسلامية ليسوا قدوة لطلابهم.
- طريقة التدريس إلقائية تقليدية لا يشترك فيها الطلاب.
ب - المعلم لا يؤدي دوره كموجه تربوي مخلص للطلبة.
ج - تركز المناهج المدرسية على تنمية وإعداد الفرد إعداداً عقلياً وجسمياً وإهمال الجانب الإيماني.

ثالثاً- المجتمع:


يحوي المجتمع المعاصر كثيراً من التناقضات، ولن تحقق التربية دورها إلا بالتوافق بين الأسرة والمدرسة والبيئة (المجتمع)، وإلا كانت فاعليتها ضعيفة أو عديمة الأثر. والطفل يعيش بين متناقضات فالأسرة توجه بشيء، والمدرسة بشيء آخر، ومغريات المجتمع تهدم كل ذلك.
ومن أسباب الأمية الدينية التي ترتبط بالمجتمع ما يلي:
1- الفهم الخاطئ للإسلام، ومن صوره: شيوع مفهومات خاطئة مثل: الدين تزمت، الدين عبادة فقط، الدين للمشايخ فقط، ومن أسباب ذلك:
أ- عدد لا بأس به من الدعاة قدموا الدين للناس على أنه قيود صارمة لا مجال للتفلت منها، مع أن قصدهم حسن؛ لكن ذلك أدى إلى نفور الشباب من الدين، وبالتالي لا يهمهم أي معرفة عنه. ومن أمثلة ذلك: التركيز على الشكليات، ونسيان الجوهر، وهذا ليس من باب فقه الأولويات، فترى الداعية يركز على بعض المظاهر الشكلية، في حين أن الناس اليوم بحاجة إلى الالتزام بالعقيدة الصحيحة والصلاة قبل الشكليات.
ب - الانبهار بالغرب، والفهم الخاطئ لسبب تقدمهم: في اللحظات التي تحررت فيها أوربا من سلطان الكنيسة التي قطعت أنفاس الناس باسم الدين، فأراد الأوربيون التخلص منها بشتى الصور حتى إنهم رحبوا بنظرية دارون للتخلص من الروحانية التي تسعى إليها الكنيسة بالحديد والنار، وبعد هذا التحرر تقدمت علمياً وتكنولوجياً، وكانت المجتمعات العربية المسلمة آنذاك في وهن وضعف، فلما انفتحوا على الغرب بهرتهم حضارتهم، وأرادوا التقدم مثلهم بخلع الدين، وتركه وراء ظهورهم متناسين أن الأفكار العلمانية لا تنقل من مجتمع لتطبق في آخر؛ لاختلاف ظروف نشأتها.
2- وجود كثير من المغريات في المجتمع، والدين الإسلامي ينظم ويضبط توجه المسلم نحو كل جديد، وهذا لا يناسب الإنسان الذي يريدها انفتاحية بلا حدود، أي: أنهم لا يريدون أن يفهموا الإسلام، وليست الظروف السيئة من حولهم، وهذا طبعاً عيب في الإنسان وليس الدين.
3- التنظيمات الإسلامية لم تتخلص من التبعية للأجنبي، الذي لا يريد إلا هدم عقيدة الشاب المسلم.
4- مخططات أعداء الدين التي ما زالت تسري كالسم في أجساد شبابنا، والتي تتم بصور شتى منها:
أ- الغزو الفكري الذي يجتاح العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، حيث يصدر الغرب أفكارهم الخبيثة للشباب المسلم، بل ويعرضها له في أجمل صورة.
ب - تسخير وسائل الإعلام وتوجيهها لإبعاد الشباب عن الدين، وتوجيههم نحو الانحلال الخلقي في كثير من الأحيان.
ج - العلمانية: حيث عملت على غرس فكرة فصل الدين عن منهج الحياة، وقصر الدين على العبادة دون السلوك، وبالتالي لم يعد يهم الشاب الإطلاع على أمور دينه ما دامت محصورة في الصلاة والصيام وهذه يعرفها. وها نحن نسمع صيحات كثيرة تبشر بتزايد أعداد المسلمين في العالم، وما نلاحظه أنه كلما تزايدت الأعداد المسلمة، تراجعنا للوراء؛ إذ هم غثاء كغثاء السيل إلا من رحمه الله تعالى.
مما سبق يمكننا القول: إن الفرد أصبح يعيش بين مجموعة تحديات (غزو فكري، انحلال خلقي، تحديات الشيطان والنفس والهوى) كلها تحاول أن تقذف به إلى الهاوية وتبعده عن الوعي بدينه.

علاج الأمية الدينية:


1- تربية الفرد على أن يكون مسلماً حقاً بالمعنى الصحيح لكلمة مسلم وهي: أن المسلم من أسلم قياده لصاحب حركة الحياة وخالقها سبحانه وتعالى، حيث لا يمكن للإنسان أن يسلم قياده لإنسان مثله غير قادر على تصريف أموره.
2- التثقيف الأسري وتوعية الوالدين بتربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة.
3- الإطلاع على وصايا النبي { في بناء الشباب وإعدادهم للحياة:
- إعداد الشباب على التزام طاعة الله وعبادته، فقد ذكر النبي { ضمن سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: شاباً نشأ في عبادة الله تعالى.
- دعوة الشباب لاغتنام الفرص لتكوين شخصيتهم إيمانياً، وجسدياً، ونفسياً، وعقلياً، وخلقياً؛ حيث أوصى النبي { باغتنام خمس قبل خمس: الحياة قبل الممات، والصحة قبل السقم، والفراغ قبل الشغل، والشباب قبل الهرم، والغنى قبل الفقر.
- عصمة نفوس الشباب من الميوعة والانحلال الخلقي.
- محاسبة الشباب وإشعاره بالمسئولية أمام رب العالمين يوم العرض عليه.
4- أن يعي الداعية فقه الأولويات، وأن يبتعد عن الطرق التقليدية الخطابية في الدعوة؛ إذ لم تعد تجدي في هذا الزمن، بل يستخدم طرقاً متنوعة ومتعددة منها: الهدية، الزيارة، المراسلة، استغلال وسائل الإعلام، استغلال الجمعيات الخيرية والأندية.
5- تنمية وعي المسلم بأعدائه ومكائدهم ضد الدين الإسلامي، فظاهرة الصحوة الإسلامية أفزعت أعداءه، فقاموا يعقدون المؤتمرات والندوات، ويخصصون الميزانيات، لأبحاثهم ورصد هذه الصحوة.
ومن ضمن هذه التوعية: توعيتهم بالعلمانية، وفضائحها، ومكائدها ضد الإسلام؛ حيث يقول الكاتبان الفرنسيان كولين وفرانسيس في كتابهما (الجزائر خارج القانون): "لعل العبث بالدين الإسلامي كان هو المجال المفضل لدى القائد روفيريجو ليعيث فيه فساداً واستهتاراً، فقد وقف هذا القائد الفاجر، ونادى بين قومه أنه يلزمه أجمل مسجد في مدينة الجزائر ليجعل منه معبداً لإله المسيحيين وحدد يوم 18 -ديسمبر - 1832 لإنجاز هذا العمل في الموعد المحدد، تقدمت بطاريات الجيش تزحف إلى المسجد، فإذا بداخله أربعة آلاف مسلم اعتصموا به خلف المتاريس فاندفعت نحوهم القوة العسكرية ودحرتهم بالسناكي".
كما يقول القس زويمر في مؤتمر المبشرين المنعقد في القدس عام 1935: "مهمة التبشير التي ندبتكم إليها دولة المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية؛ فإن هذا هداية لهم وتكريم، إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في المماليك الإسلامية".
6- تقديم الحلول المناسبة لمواجهة التحديات.

حلول لمواجهة الغزو الفكري:


أ- حصانة التوعية الثقافية: ويكون ذلك بالاطلاع الكامل، والدراسة الشاملة لخصائص الشريعة الإسلامية.
ب - حصانة العقيدة الربانية: وذلك بالقناعة الوجدانية والعقلية أن الإسلام دين الله الخالد، وعلينا حمل لوائه.

حلول لمواجهة تحدي الانحلال الخلقي:



أ- غض البصر عن المحرمات، قال تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم( 30 ) {النور: 30}.
ب - ملء الفراغ بما ينفع.
ج - الرفقة الصالحة.
د - تعميق مراقبة الله عز وجل في السر والعلن.
و - الإطلاع على قصص الشباب المحصنين لأنفسهم كقصة يوسف عليه السلام.

المراجع 
.....................................................................................................................................

       د/رانيا نظمى –قسم الثقافة الإسلامية






([1]) محمد فريد وجدي- دائرة معارف القرن العشرين 1357هـ ص7 ص2/2
([2])إبراهيم الإبياري- الموسوعة القرآنية الميسرة مؤسسة سجل العرب- القاهرة 1947 ج3 ص250
([3]) نقلاً عن عبد العزيز الشثري . Parkers S.opcitp . 17   18
([4])إبراهيم قنديل ، وقت الفراغ وشغله في مدينة الرياض ، جامعة الملك عبد العزيز كلية التربية بمكة المكرمة 1398هـ ص 77،76
([5])  عطيات محمد خطاب ، أوقات الفراغ والترويح – دار المعارف 1978 ص.170 .
([6]) صحيح البخاري ظ دار الفكر بيروت جزء 7 ، ص.17
 ([7]) إبراهيم قنديل ، الأوقات الحرة لدى الشباب السعودي جامعة الملك عبد العزيز،كلية التربية مكة المكرمة 1389ص. 13
  ([8]) رواه الحاكم في المستدرك ، ح4 ، ص 306 وقد ورد الحديث أيضاً في سنن الترمذي ح7 ص86.
 ([9])  إبراهيم حامد قنديل – مرجع سابق ص 16.
 ([10]) محمد عارف – الجريمة في المجتمع نقد منهجي لتفسير السلوك الإجرامي، ملكية الانجلو المصرية،القاهرة 1981م ص409
([11])عبد الله عبد العزيز اليوسف – دور المدرسة في مقاومة الإرهاب والعنف والتطرف.
([12]) د.عبد الله عبد العزيز اليوسف – المرجع السابق.
([13]) الجندي، أمينة "التطرف بين الشباب: كيف يفكر طلاب الجامعات المصرية، دراسة ميدانية، المنار، السنة الخامسة، سلسلة المواجهة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1993، ص64- 65.


أ.د. مصطفى رجب

الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

وصية الامام علي(كرم الله وجهه ) لكميل بن زياد النخعي


روي في كتاب بشارة المصطفى(1): أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري بقراءتي عليه في المحرم سنة ست عشر وخمسمائة بمشهد مولينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي طالب محمد بن الحسن بن عتبة، عن أبي الحسن محمد بن الحسين ابن أحمد، عن محمد بن وهبان الدبيلي، عن علي بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن أبي سلمة محمد بن كثير(2) عن أحمد بن أحمد بن الفضل الأصفهاني، عن أبي راشد بن علي بن وائل القرشي، عن عبد الله بن حفص المدني، عن أبي(3) محمد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطاة قال: 
لقيت كميل بن زياد وسألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: ألا أخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها؟ 
فقلت: بلى.
فقال: أوصاني يوماً فقال لي: يا كميل ابن زياد سم كل يوم باسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وتوكل على الله، واذكرنا وسم بأسمائنا، وصل علينا واستعذ بالله ربنا وادرأ بذلك عن نفسك(4) وما تحوطه عنايتك(5) تكف شر ذلك اليوم إن شاء الله. 
يا كميل إن رسول الله صلى الله عليه وآله أدبه الله عز وجل وهو أدبني وأنا أؤدب المؤمنين وأورث الأدب المكرمين. يا كميل ما من علم إلا وأنا أفتحه وما من سر إلا والقائم عليه السلام يختمه. 
يا كميل ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. 
يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا. 
يا كميل ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة(6). 
يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء وهو الشفاء من جميع الأدواء(7).
يا كميل إذا أكلت الطعام فواكل به، ولا تبخل به فإنك لم ترزق الناس شيئا، والله يجزل لك الثواب بذلك. 
يا كميل أحسن خلقك وأبسط جليسك(8) ولا تنهرن خادمك يا كميل إذا أنت أكلت فطول أكلك ليستوفى من معك ويرزق منه غيرك.
يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك، وارفع بذلك صوتك ليحمده سواك، فيعظم بذلك أجرك. 
يا كميل لا توقرن معدتك طعاماً ودع فيها للماء موضعاً وللريح مجالاً(9).
يا كميل لا تنقد طعامك فان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينقده. 
يا كميل لا ترفعن يدك من الطعام إلا وأنت تشتهيه فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه(10). 
يا كميل صحة الجسم من قلة الطعام وقلة الماء. 
يا كميل البركة في المال من إيتاء الزكاة ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين وهم الأقربون [لنا]. 
يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدق على المساكين. 
يا كميل لا تردن سائلا ولو بشق تمرة أو من شطر عنب. 
يا كميل الصدقة تنمى عند الله. 
يا كميل حسن خلق المؤمن من التواضع، وجماله التعفف، وشرفه الشفقة وعزه ترك القال والقيل(11). 
يا كميل إياك والمراء فإنك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت وتفسد الإخاء. 
يا كميل إذا جادلت في الله تعالى فلا تخاطب إلا من يشبه العقلاء وهذا [قول] ضرورة. 
يا كميل هم على كل حال سفهاء كما قال الله تعالى "أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ"(12).
يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم، وإياك ومناظرة الخسيس منهم، وإن أسمعوك فاحتمل وكن من الذين وصفهم الله تعالى بقوله "وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا"(13). 
يا كميل قل الحق على كل حال، ووازر المتقين، واهجر الفاسقين. 
يا كميل جانب المنافقين، ولا تصاحب الخائنين. 
يا كميل إياك إياك والتطرق إلى أبواب الظالمين والاختلاط بهم والاكتساب منهم وإياك أن تطيعهم وأن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك. يا كميل إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالى والتوكل عليه واستعذ بالله من شرهم، واطرق عنهم(14) وأنكر بقلبك فعلهم، واجهر بتعظيم الله تعالى لتسمعهم فإنهم يهابوك وتكفي شرهم.
يا كميل إن أحب ما امتثله العباد إلى الله بعد الاقرار به وبأوليائه عليهم السلام التجمل والتعفف والاصطبار. 
يا كميل لا بأس بأن لا يعلم سرك. 
يا كميل لا ترين الناس افتقارك واضطرارك، واصطبر عليه احتسابا بعز وتستر. 
يا كميل لا بأس بأن تعلم أخاك سرك. يا كميل ومن أخوك؟ أخوك الذي لا يخذلك عند الشدة ولا يغفل عنك عند الجريرة(15) ولا يخدعك حين تسأله ولا يتركك وأمرك حتى تعلمه فإن كان مميلا أصلحه(16). 
يا كميل المؤمن مرآة المؤمن [لأنه] يتأمله، ويسد فاقته، ويجمل حالته.
يا كميل الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، ولا شيء آثر عند كل أخ من أخيه(17). 
يا كميل إذا لم تحب أخاك فلست أخاه. 
يا كميل إنما المؤمن من قال بقولنا، فمن تخلف عنا قصر عنا، ومن قصر عنا لم يلحق بنا، ومن لم يكن معنا ففي الدرك الأسفل من النار.
يا كميل كل مصدور ينفث فمن نفث إليك منا بأمر أمرك بستره فإياك أن تبديه(18) فليس لك من إبدائه توبة فإذا لم تكن توبة فالمصير إلى لظى(19). 
يا كميل إذاعة سر آل محمد عليهم السلام لا يقبل الله تعالى منها ولا يحتمل أحدا عليها. يا كميل وما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه إلا مؤمناً موفقاً(20).
يا كميل لا تعلموا الكافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدو كم بها [إلى] يوم يعاقبون عليها. 
يا كميل لا بد لماضيكم من أوبة(21) ولابد لنا فيكم من غلبة. 
يا كميل سيجمع الله تعالى لكم خير البدء والعاقبة. 
يا كميل أنتم ممتعون بأعدائكم، تطربون بطربهم، وتشربون بشربهم، وتأكلون بأكلهم، وتدخلون مداخلهم، وربما غلبتم على نعمتهم إي والله على إكراه منهم لذلك، ولكن الله عز وجل ناصركم وخاذلهم، فإذا كان والله يومكم، وظهر صاحبكم لم يأكلوا والله معكم، ولم يردوا مواردكم، ولم يقرعوا أبوابكم، ولم ينالوا نعمتكم أذلة خاسئين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلاً. 
يا كميل احمد الله تعالى والمؤمنون على ذلك وعلى كل نعمة.
يا كميل قل عند كل شدة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تكفها. وقل عند كل نعمة الحمد لله تزد منها، وإذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها. يا كميل إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل: أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي وأعوذ بمحمد الرضي من شر ما قدر وقضى، وأعوذ بإلله الناس من شر الجنة والناس أجمعين وسلم تكفي مؤونة إبليس والشياطين معه ولو أنهم كلهم أبالسة مثله. 
يا كميل إن لهم خدعا وشقاشق(22) وزخازف ووساوس وخيلاء على كل أحد قدر منزلته في الطاعة والمعصية، فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة. 
يا كميل لا عدو أعدى منهم ولا ضار أضر بك منهم، أمنيتهم أن تكون معهم غدا إذا اجتثوا في العذاب [الأليم] (23) لا يفتر عنهم بشرره، ولا يقصر عنهم خالدين فيها أبداً.
يا كميل سخط الله تعالى محيط بمن لم يحترز منهم باسمه ونبيه وجميع عزائمه وعوذه جل وعز وصلى الله على نبيه وآله وسلم.
يا كميل إنهم يخدعونك بأنفسهم، فإذا لم تجبهم مكروا بك وبنفسك بتحسينهم إليك شهواتك(24) وإعطائك أمانيك وإرادتك ويسولون لك، وينسونك، وينهونك ويأمرونك، ويحسنون ظنك بالله عز وجل حتى ترجوه فتغتر بذلك فتعصيه وجزاء العاصي لظى.
يا كميل احفظ قول الله عز وجل "الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ"(25) والمسؤول الشيطان والمملي الله تعالى. 
يا كميل أذكر قول الله تعالى لإبليس لعنه الله "وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا"(26).
يا كميل إن إبليس لا يعد عن نفسه، وإنما يعد عن ربه ليحملهم على معصيته فيورطهم. 
يا كميل إنه يأتي لك بلطف كيده فيأمرك بما يعلم أنك قد ألفته من طاعة لا تدعها فتحسب أن ذلك ملك كريم، وإنما هو شيطان رجيم، فإذا سكنت إليه واطمأننت حملك على العظائم المهلكة التي لا نجاة معها. 
يا كميل إن له فخاخا ينصبها فاحذر أن يوقعك فيها(27). 
يا كميل إن الأرض مملوة من فخاخهم فلن ينجو منها إلا من تشبث بنا وقد أعلمك الله أنه لن ينجو منها إلا عباده وعباده أولياؤنا. 
يا كميل وهو قول الله عز وجل "إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ" وقوله عز وجل "إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ"(28). 
يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك في مالك وولدك كما امر. 
يا كميل لا تغتر بأقوام يصلون فيطيلون، ويصومون فيداومون، ويتصدقون فيحسبون أنهم موقوفون(29). 
يا كميل أقسم بالله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنى، وشرب الخمر، والربا، وما أشبه ذلك من الخنى(30) والمأثم حبب إليهم العبادة الشديدة، والخشوع، والركوع، والخضوع والسجود ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون. يا كميل إنه مستقر ومستودع(31) واحذر أن تكون من المستودعين. 
يا كميل إنما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج ولا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و[ما] هديناك إليه. 
يا كميل لا رخصة في فرض ولا شدة في نافلة. 
يا كميل إن الله عز وجل لا يسألك إلا عما فرض وإنما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام والطامة يوم القيامة. 
يا كميل إن الواجب لله أعظم من أن تزيله الفرائض والنوافل وجميع الأعمال وصالح الأموال (32) ولكن من تطوع خيرا فهو خير له. 
يا كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك، وغفلتك أكثر من ذكرك، ونعم الله عليك أكثر من كل عملك. 
يا كميل إنه لا تخلو من نعمة الله عز وجل عندك وعافيته فلا تخل من تحميده وتمجيده، وتسبيحه، وتقديسه، وشكره، وذكره على كل حال.
يا كميل لا تكونن من الذين قال الله عز وجل "نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ" (33) ونسيهم إلى الفسق "أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ". 
يا كميل ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق إنما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقي وعمل عند الله مرضي وخشوع سوي، وإبقاء للجد فيها. 
يا كميل عند الركوع والسجود وما بينهما تبتلت العروق والمفاصل حتى تستوفى [ولاء] إلى ما تأتي به من جميع صلواتك. 
يا كميل انظر فيم تصلي، وعلى ما تصلي، إن لم تكن من وجهه وحله فلا قبول. 
يا كميل إن اللسان يبوح من القلب(34) والقلب يقوم بالغذاء، فانظر فيما تغذي قلبك وجسمك، فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تعالى تسبيحك ولا شكرك. 
يا كميل افهم واعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانات لاحد من الخلق فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل وأثم وجزاؤه النار بما كذب، أقسم لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي قبل وفاته بساعة مراراً ثلاثاًً: يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر والفاجر فيما قل وجل حتى في الخيط والمخيط.
يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل، ولا نفل(35) إلا مع إمام فاضل. 
يا كميل أرأيت لو لم يظهر نبي(36) وكان في الأرض مؤمن تقي أكان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيباً بلى والله مخطئا حتى ينصبه الله عز وجل [لذلك] ويؤهله له. 
يا كميل الدين لله فلا تغترن بأقوال الأمة المخدوعة التي قد ضلت بعد ما اهتدت، وأنكرت وجحدت بعد ما قبلت. 
يا كميل الدين لله تعالى فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به إلا رسولاً أو نبياً أو وصياً. 
يا كميل هي نبوة ورسالة وإمامة ولا بعد ذلك إلا متولين، ومتغلبين، وضالين، ومعتدين. 
يا كميل إن النصارى لم تعطل الله تعالى، ولا اليهود، ولا جحدت موسى ولا عيسى، ولكنهم زادوا ونقصوا وحرفوا وألحدوا فلعنوا ومقتوا ولم يتوبوا ولم يقبلوا. 
يا كميل "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ".
يا كميل إن أبانا آدم لم يلد يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا ولا كان ابنه إلا حَنِيفًا مُّسْلِمًا، فلم يقم بالواجب عليه فأداه ذلك إلى أن لم يقبل الله قربانه بل قبل من أخيه فحسده وقتله وهو من المسجونين في الفلق الذين عدتهم اثنا عشر: ستة من الأولين، وستة من الآخرين، والفلق الأسفل من النار (37)، ومن بخاره حر جنهم، وحسبك فيما حر جهنم من بخاره. 
يا كميل نحن والله الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ . 
يا كميل إن الله عز وجل كريم حليم عظيم رحيم دلنا على أخلاقه، وأمرنا بالأخذ بها، وحمل الناس عليها فقد أديناها غير مختلفين، وأرسلناها غير منافقين، وصدقناها غير مكذبين، وقبلناها غير مرتابين، لم يكن لنا والله شياطين نوحي إليها، وتوحي إلينا كما وصف الله تعالى قودا ذكرهم الله عز وجل بأسمائهم في كتابه لو قرء كما أنزل "شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا"(38). 
يا كميل الويل لهم فسوف يلقون غيا. 
يا كميل لست والله متملقا حتى أطاع ولا ممنا حتى أعصى(39) ولا مهانا لطعام الاعراب حتى أنتحل إمرة المؤمنين(40) أو أدعي بها. 
يا كميل نحن الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأكبر، وقد أسمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد جمعهم فنادى الصلاة جامعة يوم كذا وكذا، وأيام سبعة وقت كذا وكذا، فلم يتخلف أحد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس إني مؤد عن ربي عز وجل ولا مخبر عن نفسي فمن صدقني فقد صدق الله، ومن صدق الله أثابه الجنان، ومن كذبني كذب الله عز وجل، وكذب الله أعقبه النيران ثم ناداني فصعدت فأقامني دونه ورأسي إلى صدره والحسن والحسين عن يمينه وشماله، ثم قال: معاشر الناس أمرني جبرئيل عن الله عز وجل أنه ربي وربكم أن أعلمكم أن القرآن هو الثقل الأكبر، وأن وصيي هذا وابناي من خلفهم من أصلابهم حاملا وصاياي هم الثقل الأصغر، يشهد الثقل الأكبر للثقل الأصغر ويشهد الثقل الأصغر للثقل الأكبر كل واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق له حتى يردا إلى الله فيحكم بينهما وبين العباد. 
يا كميل فإذا كنا كذلك فعلام يتقدمنا من تقدم وتأخر عنا من تأخر؟ 
يا كميل قد أبلغهم رسول الله صلى الله عليه وآله رسالة ربه ونصح لهم، ولكن لا يحبون الناصحين. 
يا كميل قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي قولا والمهاجرين والأنصار متوافرون يوما بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان قائم على قدميه فوق منبره: علي [مني] وابناي منه والطيبون مني وأنا منهم وهم الطيبون بعد أمهم، وهم سفينة من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى الناجي في الجنة والهاوي في لظى.
يا كميل الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. 
يا كميل على م يحسدوننا والله أنشأنا قبل أن يعرفونا فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلونا. 
يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب أليم وخزي مقيم وأكبال ومقامع وسلاسل طوال، ومقطعات النيران ومقارنة كل شيطان. الشراب صديد، واللباس حديد، والخزنة فظظة(41) والنار ملتهبة والأبواب موثقة مطبقة ينادون فلا يجابون ويستغيثون فلا يرحمون، نداهم يا مالك ليقض علينا ربك قال: إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون. 
يا كميل نحن والله الحق الذي قال الله عز وجل: "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ". 
يا كميل ثم ينادون الله تقدست أسماؤه بعد أن يمكثوا أحقابا اجعلنا على الرخاء فيجيبهم "اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ". 
يا كميل فعندها ييئسون من الكره، واشتدت الحسرة، وأيقنوا بالهلكة والمكث جزاء بما كسبوا عذبوا. 
يا كميل قل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. 
يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه إياي، والمؤمنين على كل حال. 
يا كميل إنما حظي من حظي بدينا زائلة مدبرة، فافهم وتحظى بآخرة باقية ثابتة. 
يا كميل كل يصير إلى الآخرة والذي يرغب فيه منها ثواب الله عز وجل والدرجات العلى من الجنة التي لا يورثها إلا من كان تقيا. 
يا كميل إن شيءت فقم.

*******


المصدر: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 74 - ص 266 – 273.